الكاميرات في كل مكان.. الهند تحاصر سكان كشمير بأجهزة المراقبة

كاميرا للمراقبة في سوق بمدينة سريناغار (الفرنسية)

انتشرت كاميرات المراقبة في شوارع سريناغار، أكبر مدينة في الجزء الذي تسيطر عليه الهند من إقليم كشمير ذي الغالبية المسلمة، وفي غيرها من المدن، منذ أن أمرت السلطات المحلية أصحاب المحال بتزويد متاجرهم بالكاميرات على نفقتهم الخاصة لمؤازرة الشرطة في مراقبة تحركات السكان.

وجاء في نص القرار أن الخطة ترمي إلى "ردع المجرمين والعناصر المناهضين للمجتمع وللقومية" محددا الحد الأدنى للمعايير فيما يتعلق بنوع الكاميرات وقدراتها لا سيما من حيث مداها واستخدام الأشعة تحت الحمراء.

ويفترض أن تبقى الكاميرات في وضعية تشغيل طول الوقت بما يمكن الشرطة "وأي وكالة أخرى تعنى بإنفاذ القانون" من طلب ما سجلته على مدى 30 يوما من دون إذن قضائي.

وستفرض غرامة على مخالفي هذه الأوامر التي دخلت حيز التنفيذ في أبريل/نيسان الماضي، أو سيودعون الحبس لمدة شهر، وهو ما دفع أصحاب المحال لإنفاق مئات الدولارات لتجهيز متاجرهم بكاميرات المراقبة.

يقول وكلاء لتوريد أنظمة المراقبة في سريناغار -لوكالة الصحافة الفرنسية- إن معايير هذه الأنظمة ستكلف كلا من متاجر كشمير (وهي بالآلاف) ما يصل إلى 40 ألف روبية (524 دولارا).

وبسبب الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي في المنطقة، يتعين على أصحاب المحال أن يغطوا أيضا نفقات تأمين بطارية لضمان عدم انقطاع التسجيلات.

السلطات أمرت أصحاب المتاجر بتركيب الكاميرات بمواصفات محددة وعلى نفقتهم الخاصة (الفرنسية)

يقول بلال أحمد الذي يدير محلا لبيع المثلجات في السوق الرئيسية في سريناغار إنه "غير قادر على تحمل نفقات المواصفات الواردة في القرار وسط تراجع حركة البيع".

وأضاف أنه ينتظر ليرى ما إذا كان آخرون سيمتثلون لتلك الأوامر حتى يحسم قراره، علما بأن كثيرين باشروا تجهيز محالهم بالكاميرات تجنبا للغرامة والعقوبة.

وقال صاحب متجر في سريناغار -طلب عدم كشف هويته خوفا من رد فعل انتقامي من قبل السلطات- بينما كان يجهز متجره بكاميرا للمراقبة "إنه قرار خاطئ. لكن إن كان هذا هو ما يريدون فعلى الحكومة أن تغطي كلفته".

وتواجه الحكومة الهندوسية القومية برئاسة ناريندرا مودي صعوبات في إحكام قبضتها على المنطقة ذات الغالبية المسلمة، بالرغم من الحملة التي شنتها في الإقليم قبل 3 سنوات.

فقد ألغت حكومة مودي عام 2019 الحكم شبه الذاتي لإقليم جامو وكشمير، وفرضت قيودا لم يسبق لها مثيل على التحركات الاحتجاجية والحريات الإعلامية، وأوقفت السلطات آلاف الأشخاص وقطعت الإنترنت عن المنطقة لفترة هي الأطول في العالم لمنع أي انتفاضة محلية.

وفرضت السلطات أيضا إطارا أمنيا صارما جعل من قيام احتجاجات شعبية أمرا شبه مستحيل.

وبدأ النزاع على إقليم كشمير، بين باكستان والهند، منذ استقلالهما عن بريطانيا عام 1947، ونشبت 3 حروب بينهما أعوام 1948 و1965 و1971، أسفرت عن مقتل قرابة 70 ألفا من الطرفين.

ويطالب سكان كشمير بالاستقلال عن الهند أو ضم الإقليم إلى باكستان، ولا تزال مجموعات كشميرية مسلحة تقاتل القوات الهندية منذ أكثر من 3 عقود.

انتقاد حقوقي

يقول آكار باتيل المدير السابق لمنظمة العفو الدولية في الهند إن قرار فرض كاميرات المراقبة يعد "تطورا مثيرا للقلق".

ويرى أن القرار سيشرّع "المراقبة الكاملة لحياة المدنيين بما يهدد حقهم الإنساني بالخصوصية وحرية التجمع والاستقلالية والكرامة".

ومنذ الإجراءات التي بدأ تطبيقها عام 2019، يجري استخدام التوقيفات الإدارية على نطاق واسع للالتفاف على المسارات القضائية.

حملة أمنية خاطفة لتفتيش المارة وسط مدينة سريناغار (الأوروبية-أرشيف)

وتم توقيف مئات الأشخاص، بينهم محتجون ومعارضون وصحفيون، يقبعون حاليا في السجون الهندية، بعضهم لسنوات طويلة، وغالبا من دون توجيه أي اتهام لهم، مع حرمان كثير منهم من فرصة الخروج بكفالة.

ومن بين هؤلاء 3 طلاب اعتُقلوا لمدة 5 أشهر بسبب تشجيعهم باكستان في مباراة بالكريكت ضد الهند.

وتعمد الشرطة مرارا إلى مصادرة الهواتف المحمولة لسكان كشمير للتدقيق في أنشطتهم.

وتكثر في المنطقة عمليات التوقيف على خلفية نشر انتقادات للحكومة على منصات التواصل الاجتماعي، علما بأن الشرطة تمول شبكة كبيرة من المخبرين المدنيين.

وغالبا ما يجري استدعاء السكان ولا سيما الصحفيين من أجل "التدقيق في ماضيهم". وفي حال عدم الحضور يمكن للسلطات توقيف أقرباء الشخص المعني بانتظار مثوله.

لكن تقنيات المراقبة أصبحت أكثر تطورا، إذ تعمد قوات الأمن إلى إقامة شبكة من الكاميرات لمراقبة الأنشطة المناوئة لها.

وجاء في وثيقة رسمية -اطلعت عليها وكالة الصحافة الفرنسية- أن الشبكة ستضم 1100 كاميرا لها القدرة على التعرف على الوجوه، موصولة بمراكز قيادة، بما يمكّن الشرطة من المراقبة عبر بث حي.

وعلى الرغم من الطلبات المتكررة، لم تشأ السلطات التعليق على قانونية قرار تجهيز المحال بكاميرات المراقبة.

المصدر : الفرنسية