وجه آخر لكأس العالم بقطر.. ترويج للعادات الصحية السليمة واحترام للبئية

3d rendering of realistic ball colored like an Earth globe flies through a torn football net. International sport. Worldwide competition. Sport for peace. Elements of this image are furnished by NASA (http://visibleearth.nasa.gov/) gettyimages-1070604640
الفيفا أعلن أن كأس العالم لكرة القدم 2022 في قطر أول بطولة كأس عالم "محايدة الكربون" على الإطلاق (غيتي)

ملايين الأشخاص من مختلف الجنسيات والأعراق والديانات تجمعوا في دولة قطر لمشاهدة مباريات كأس العالم، ودعم وتشجيع المنتخبات التي يؤازرونها، وهم جميعا يعيشون معا في بقعة محدودة من الأرض في وئام وتسامح ومحبة وسلام في بلد صغير المساحة، لكنه كبير الأثر وعظيم الفعل.

وفي قطر تتعرف الشعوب على عادات بعضها بعضا وتستوعب الاختلافات الحضارية فيما بينها، ويتعلم البشر أن هناك عادات أخرى وتقاليد مختلفة عما اعتادوا عليه طوال حياتهم في دولهم وبلدانهم. إنه العالم في كأس العالم، وهي قطر التي جمعت البشر من شتى البلدان والدول والحضارات.

هذا مجرد جزء صغير فقط من الصورة الكلية واللوحة الفنية التي يبدعها العرب في مونديال 2022. ترى ما الجوانب الأخرى من هذه اللوحة؟ وما تأثيرات كأس العالم على صحة وطريقة عيش الناس؟ هذا ما سنتعرف عليه في هذا التقرير.

ملعب لوسيل سيحتضن نهائي كأس العالم يوم 19 ديسمبر/كانون الأول 2022 (الجزيرة)
لوسيل أول مدينة من نوعها في قطر تطبق مبادئ الاستدامة وملعبها سيستضيف حفل الختام والمباراة النهائية للمونديال (الجزيرة)

نموذج صحي مستدام

تعاونت دولة قطر مع منظمة الصحة العالمية "دبليو إتش أو" (WHO) والاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" (FIFA) في مشروع مشترك يسعى إلى تقديم "كأس عالم صحي" (Healthy 2022 World Cup project)، يحافظ على صحة اللاعبين والمشجعين والمنظمين، ويسهم في نشر ثقافة الرياضة الصحية في مختلف أرجاء العالم.

ويهدف المشروع إلى ضمان أن تكون البطولة حدثا صحيا وآمنا، وأن التدابير المنفذة والدروس المستفادة من البطولة ستدعم تقديم أحداث رياضية ضخمة صحية وآمنة في المستقبل، وذلك من خلال جعل مونديال قطر 2022 نموذجا مؤثرا ومستداما، يعزز تكامل الصحة والأمن والرفاهية في الأحداث والبطولات الرياضية المستقبلية، حسب ما ذكرت منظمة الصحة العالمية في تقرير لها مؤخرا.

والركائز الأساسية التي يستند عليها مشروع كأس العالم لكرة القدم الصحية فيفا قطر 2022 هي دعم وتشجيع الناس على ممارسة أنماط الحياة الصحية من خلال اتباع نظام غذائي صحي، والإقلاع عن التدخين ومكافحته، وتعزيز الأمن الصحي، مع التركيز على ضمان سلامة التجمعات والمناسبات، والدعوة والتوعية من أجل الصحة.

وفي هذا السياق، قال الأمين العام للجنة العليا للمشاريع والإرث حسن الذوادي إن بطولة كأس العالم لكرة القدم قطر 2022 كان لها تأثير كبير على المجتمع من خلال استخدامها منصة للترويج لحياة صحية.

وأوضح أن اللجنة العليا أدركت منذ البداية أن كأس العالم وكرة القدم لهما تأثير كبير على المجتمع، وأنها "تؤمن بقوة الرياضة في إحداث تغييرات إيجابية في المجتمع".

وأضاف حسن الذوادي أن البطولة "مخصصة لتعزيز الحياة الصحية وممارسة الأنشطة المختلفة واتباع أسلوب حياة صحي".

FBL-QAT-WC-2022-STADIUM-AIRCON Saud Abdulaziz Abdul Ghani gives a tour of the cooling system at the al-Janoub Stadium on April 20, 2022 in Doha, which will host matches of the FIFA football World Cup 2022. - Ghani, known as "Dr Cool", worked for 13 years on the solar-powered cooling system that he says will keep the players and turf healthy and even eliminate body odour in a packed stadium. (Photo by KARIM JAAFAR / AFP) (Photo by KARIM JAAFAR/AFP via Getty Images)
نظام التبريد في ملعب الجنوب بالدوحة الذي يستضيف مباريات كأس العالم 2022، يعمل بالطاقة الشمسية (غيتي)

أول بطولة كأس عالم "محايدة الكربون"

يعدّ التغير المناخي أحد أهم التحديات التي تواجه البشرية، وهو يؤثر بشكل حاسم على صحة وحياة ومستقبل البشر على هذه الأرض، وفي هذا السياق أعلن الفيفا أن كأس العالم لكرة القدم 2022 في قطر ستكون أول بطولة كأس عالم "محايدة الكربون" على الإطلاق.

وقال الاتحاد الدولي لكرة القدم إنه يدرك أن "تغير المناخ هو أحد التحديات الأكثر إلحاحا في عصرنا"، ويعتقد أن ذلك "يتطلب من كل منا اتخاذ إجراءات مناخية فورية ومستدامة".

وأضاف أن قطر -الدولة المضيفة- "تعهدت بإجراء بطولة كأس عالم خالية تماما من انبعاثات الكربون، حيث تم تنفيذ مجموعة شاملة من المبادرات للتخفيف من الانبعاثات المرتبطة بالبطولة، بما في ذلك الملاعب الموفرة للطاقة، وشهادة المباني الخضراء في التصميم والبناء والعمليات والنقل منخفض الانبعاثات، وممارسات إدارة النفايات المستدامة".

ومنذ ذلك الوقت قام خبراء المناخ والمحللون بفحص "الحياد الكربوني" في قطر، التي اتخذت عددا كبيرا من الإجراءات الهامة في هذا السياق، مثل بذر البذور لبناء أكبر مزرعة للأعشاب في العالم، وإنشاء فنادق وملاعب صديقة للبيئة، وغرس الأشجار وتخضير الطرقات واستخدام الطاقة الشمسية في تشغيل ملاعب البطولة، واستخدام نظام المترو الكهربائي لأنظمة فرامل متجددة تسهم في تقليل الانبعاثات الكربونية، وغيرها الكثير من الجهود لضمان كأس عالم خالية من الكربون، في بادرة هي الأولى من نوعها في العالم.

Close up action of boys soccer teams, aged 12-14, playing a football match gettyimages-557920441
كأس العالم يمثل فرصة ذهبية لتحقيق السلام والوئام في عالم تمزقه الحروب (غيتي)

كأس العالم صرخة في وجه الحرب

بالنسبة إلى الملايين من المشاهدين في مختلف أرجاء العالم، فإن الأهم يحدث خارج الملعب، حيث تقدم كرة القدم ملاذا ومتنفسا من الضغوط الاقتصادية والمعيشية الضخمة التي أوجدتها حروب البشر، والتضخم العالمي، وغلاء الأسعار الجنوني الذي يسحق الفقراء في كل مكان.

وعلى أرض الواقع، فإن بعض الأحداث الرياضية البارزة مثل كأس العالم أسهمت في تخفيف الصراعات والحروب عبر العالم، وتمثل فرصة ذهبية لتحقيق السلام والوئام في عالم تمزقه الحروب.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، كانت دولة ساحل العاج عام 2006 في منتصف حرب أهلية طاحنة، وكان منتخبها قد تأهل لتوه لكأس العالم، وفي غرفة تغيير الملابس، ركع لاعب كرة القدم الشهير ديدييه دروغبا على ركبتيه، مصليا لله وداعيا ومطالبا المتحاربين في بلده بوقف إطلاق النار.

وقال دروغبا في وقت لاحق "لقد كان مجرد شيء فعلته بشكل غريزي.. كل اللاعبين كرهوا ما كان يحدث لبلدنا، وكان الوصول إلى كأس العالم هو الفرصة التي يمكن أن توحّد بلدنا من جديد".

وحدث ما لم يكن في الحسبان، فقد تم الاستماع لنداء دروغبا، وألقى المتمردون أسلحتهم بعد توقيع اتفاق سلام مع الحكومة، ولعبت ساحل العاج مباراة في مدينة "بواكي" معقل المتمردين.

هذا هو تأثير كأس العالم، والآن والبشرية تعيش في صراع مدمر في أوكرانيا، ويقف العالم على شفا حرب عالمية ثالثة قد لا تُبقي ولا تذر، هل يسمع البشر المتصارعون صوت المحبة والسلام الهادر في مدرجات كأس العالم في قطر؟

المصدر : مواقع إلكترونية