20 عاما في سجون الاحتلال.. الأسير الرجبي للجزيرة نت: مئات الأسرى مهددون بالإبعاد

الأسير منير الرجبي أفرج عنه بعد اعتقال دام 20 عاما وأبعد من مدينة حيفا إلى الضفة الغربية.
قرار إبعاد الأسير منير الرجبي عن مكان إقامته في حيفا جاء بعد 4 سنوات من سحب الهوية الإسرائيلية منه عام 2019 (الجزيرة)

الخليل- بعد انتظار دام أكثر من 8 ساعات في نهاية اعتقال استمر 20 عاما، وصل الأسير الفلسطيني منير الرجبي إلى مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية مساء الأحد، مبعدا عن مدينته حيفا التي أحبها وعاش فيها ويحمل هويتها.

وجد منير رافعة معنوية في استقباله من قبل محبيه وأصدقائه وأبناء عشيرته الممتدة في الخليل، وإن بدا مرهقا ومتعبا من ساعات التنقل والانتظار الطويلة.

ومن بين الزحام يحاول الصحفيون اقتناص الوقت لمقابلة منير، وسؤاله عن معاناته وقرار إبعاده. وشهدت الجزيرة نت اللحظات الأولى لوصوله إلى قاعة للمناسبات خصصتها عائلته لاستقبال المهنئين، وتحدثت إليه في عجالة عن مصيره بعد إبعاده عن مكان سكنه وظروف الأسرى من خلفه ومخاوفهم.

تنغيص وإبعاد

يقول الرجبي إنه غادر سجن النقب في أقصى الجنوب قرابة الساعة 11 قبل الظهر، لكن أعيد اعتقاله مجددا فور وصوله إلى المعبر الفاصل بين جنوبي الضفة وإسرائيل جنوبي بلدة الظاهرية، لينقل إلى التحقيق مجددا في معسكر للجيش الإسرائيلي جنوبي الخليل، وهناك أسمعه ضابط المخابرات عبارات التهديد والوعيد إن مارس "التحريض" على حد تعبيره.

وتابع الأسير المبعد أن ما حدث معه سبق أن وقع لأسرى آخرين أمضوا سنوات طويلة في السجن "بهدف إفساد فرحتهم وفرحة مستقبليهم وذويهم، وكأن سنوات السجن الطويلة لم تكن كافية للتنكيل بالأسرى والضغط عليهم".

والرجبي (50 عاما) غير متزوج، ويحمل الجنسية الإسرائيلية، وتتوزع عائلته بين مدينتي القدس والخليل، إلا أنه كان حتى اعتقاله عام 2003 من سكان مدينة حيفا، على الساحل الفلسطيني.

وعن إبعاده إلى الضفة، يقول الرجبي إن المستهدف هم "جميع الفلسطينيين في الداخل وخاصة القدس، لأن القانون الإسرائيلي يشمل هؤلاء جميعا"، مضيفا أن "هناك مئات الأسرى المهددين بالإبعاد أيضا".

ويضيف أن فلسطين كلها وطنه وسيحاول التعايش مع الوضع الجديد؛ "مع تمسّكي بجميع حقوقي، لن نتنازل عن أرضنا وهويتنا ووطننا والعيش بحرية وكرامة، ولن نستسلم لسياسات الاحتلال". وذكر أنه سيتحرك قانونيا قدر المستطاع لمحاولة العودة إلى حيفا.

الأسير المبعد من حيفا إلى الضفة منير الرجبي يستقبل المهنئين في مدينة الخليل.
الأسير الرجبي يعانق الحرية بعد 20 عاما أمضاها في سجون الاحتلال الإسرائيلي (الجزيرة)

أخطر ما يتعرض له الأسرى

ويصف الرجبي المرحلة الحالية داخل السجون بأنها "الأخطر على الأسرى من حيث ضغط الاحتلال ومن حيث تأثير الانقسام الفلسطيني المستمر منذ 2007".

وتابع "الأسرى مقبلون على الإضراب في شهر رمضان، لكنه وحده لا يكفي وهم بحاجة لمواقف مؤثرة بعيدا عن الشعارات، فليس للأسرى إلا الله ثم شعبهم".

ويشير الرجبي إلى دخول الأسرى في عصيان ضد إدارات السجون منذ 20 يوما، وإعلانهم خوض إضراب مفتوح عن الطعام مع حلول شهر رمضان للمطالبة بوقف الضغوط والإجراءات الإسرائيلية بحقهم.

وفي بيان صادر الأحد ويحمل الرقم "4"، قالت "لجنة الطوارئ الوطنية العليا للحركة الوطنية الأسيرة" إن تحرك الأسرى جاء "لمواجهة عدوان وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير وأدواته ضدنا، الذي يحاربنا في خبزنا ومائنا، وسنستمر في نضالنا حتى إرغام المحتل على وقف عدوانه أو تحررنا القريب".

من جهته، يقول الحاج عدنان الرجبي، عم الأسير المفرج عنه، للجزيرة نت، إن منير "حظي باستقبال حاشد بين أقاربه ومحبيه في مدينة الخليل رغم محاولات التنغيص عليه وعلينا".

وتابع أن الأولوية الآن لتجاوز مرحلة السجن والتعايش مع المجتمع والتعرف على الناس تمهيدا للزواج وبناء أسرة جديدة.

أول إبعاد بعد القانون

يُعد الرجبي أول فلسطيني من أراضي الـ48، يتم إبعاده وسحب مواطنته بعد إقرار الكنيست الإسرائيلي في 15 فبراير/شباط بشكل نهائي قانونا يتيح معاقبة أسرى القدس والداخل بسحب الجنسية والإبعاد.

ويشمل القانون -وفق بيان نشره الكنيست على موقعه الإلكتروني آنذاك- "المواطن أو المقيم الإسرائيلي الذي أدين بارتكاب مخالفة تشكل خيانة الأمانة تجاه دولة إسرائيل وفرضت عليه عقوبة السجن الفعلي بسببها، وقد ثبت أن السلطة الفلسطينية تدفع له مخصصات أو أجرا مقابل قيامه بذلك".

ووفق بيان الكنيست، "سيكون بالإمكان إلغاء مواطنته أو تصريح الإقامة الدائمة الخاصة به وفق الحاجة، وبالتالي إبعاده إلى مناطق السلطة الفلسطينية أو إلى قطاع غزة".

وبعد أيام من صدور القانون، وتحديدا في 28 فبرير/شباط، أفاد نادي الأسير الفلسطيني بأن الاحتلال قرر إبعاد الأسير منير الرجبي عن مكان إقامته في حيفا.

جاء ذلك بعد نحو 4 سنوات من سحب الهوية الإسرائيلية منه عام 2019، في عقوبة شملت فلسطينيين آخرين بينهم المحامي صلاح الحموري الذي سحبت هويته وأبعد إلى فرنسا في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

ويتهدد الإبعاد وسحب الهوية أو المواطَنة مئات الأسرى الفلسطينيين من القدس والداخل، من بين أكثر من 4700 معتقل في السجون الإسرائيلية.

ويقول رئيس لجنة أهالي الأسرى والمعتقلين المقدسيين أمجد أبو عصب، للجزيرة نت، إن عدد أسرى القدس حاليا يبلغ 420 أسيرا، مضيفا أن معايير سحب الهوية المقدسية من الأسرى ومعايير الإبعاد "غير واضحة تماما حاليا".

المصدر : الجزيرة