حسام الرازم.. احتجّ على اغتيال شيرين أبو عاقلة فحكم بالسجن 3 سنوات

فلسطين_القدس_يعمل حسام الرازم سائق شاحنة وسيمنع من العمل بعد تحرره لمدة عام كامل بسبب سحب رخصته-الصورة من العائلة مع الإذن بالنشر
حسام الرازم يعمل سائق شاحنة وسيمنع من العمل بعد تحرره لمدة عام كامل بسبب سحب رخصته (الجزيرة)

القدس المحتلة- لن ينسى الشاب المقدسي حسام محمد الرازم (40 عاما) يوم اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة، ليس لأنها تركت أثرًا في قلوب الفلسطينيين جميعا فقط، بل لأن وجوده في المواجهات مع الاحتلال قرب منزلها ستسرق من عمره أكثر من 3 أعوام.

وكانت المحكمة الإسرائيلية المركزية بالقدس المحتلة حكمت على الرازم، الأحد الماضي، بالسجن 38 شهرا، وفرضت عليه غرامة مالية بقيمة 3 آلاف دولار، وسحب رخصة القيادة لمدة عام، بتهمة التصدي لعناصر شرطة الاحتلال، ورفض الانصياع لهم، خلال قمعهم مسيرة احتجاجية على اغتيال الشهيدة أبو عاقلة.

مقطع حصد الملايين

وثّقت عدسات الصحفيين في 11 مايو/أيار 2022 لحظة اعتداء ومحاولة اعتقال شرطة الاحتلال للرازم الذي لجأ إلى مركبة إسعاف في موقع المواجهات، واستطاع الإفلات والفرار خلال ثوانٍ، ونال المقطع ملايين المشاهدات على منصات التواصل الاجتماعي يومها.

زارت الجزيرة نت منزل الرازم بعد الحكم عليه، والتقت والديه المسنين وطفله ياسين الذي لم يتجاوز الـ11 عاما، والذي استطاع بالكاد رؤية والده في جلسة المحكمة والحديث إليه عن بعد بالإشارات، وتصويره بالهاتف الذي اشتراه له قبل ساعات من اعتقاله.

ينظر ياسين إلى صورة والده الوحيدة على الهاتف، ويسأل جدته باستنكار" فهمنا تقييد يديه، لكن لماذا يقيدون قدميه؟"، تبتسم الجدة متألمة وهي تروي كيف يزيد الاحتلال القيود التي تكبّل نجلها خوفا من هربه مرة أخرى، لأنه اتّهم بالهرب من الشرطة.

فلسطين_القدس_ يقول والدا حسام إنه يعاني من أمراض تنفسية ورشه بغاز الفلفل آلمه وأفقده صوابه-الجزيرة نت-جمان أبوعرفة
والدا حسام يقولان إنه يعاني أمراضا تنفسية ورشه بغاز الفلفل آلمه وأفقده صوابه (الجزيرة)

أحكام انتقامية

استطاع ياسين عناق والده لثوان خلال إحدى جلسات المحكمة، في مشهد وصفه محامي هيئة شؤون الأسرى حمزة قطينة للجزيرة نت بأنه من أصعب المشاهد التي مرت عليه في حياته.

يقول قطينة الذي ترافع عن الرازم "رأيت أبا وابنا حرما من بعضهما، عانق الوالد ابنه حتى غمر جسده الصغير، لن أنسى هذا المشهد ما حييت".

اعتقل الرازم مساء يوم الحادث، واتهمه الاحتلال برش الغاز على شرطته، وتنظيم مظاهرة احتجاجا على اغتيال الصحفية أبو عاقلة، وعرقلة عمل عناصر الشرطة والهروب منهم، وقيادة مركبة الإسعاف دون رخصة. ورغم أن أي إصابات حقيقية لم تقع في صفوف الشرطة فقد حكم بالسجن أكثر من 3 أعوام.

يعلّق المحامي قطينة على الحكم قائلا "ما حدث يومها كان احتجاجا سلميا مشروعا، والشرطة قمعت المتظاهرين واعتدت عليهم، وما حصل كان نتيجة للضغط والقمع، من الواضح مؤخرا أن المحاكم تصدر بحق المقدسيين أحكاما رادعة مضاعفة لا تتناسب مع التهم الموجهة إليهم".

خرج ولم يعد

تعود آمال الرازم، والدة الأسير حسام، بذاكرتها إلى 9 أشهر مضت، وتروي للجزيرة نت كيف دخل عليها نجلها عصرا وقد شحب وجهه وازرقت شفتاه وتمزّقت ملابسه، وآثار كدمات ورضوض على جسده. تهامس مع أشقائه، ولم يخبرها شيئا ولم يقبل أن يشاركهم الطعام، ذهب لشراء هاتف جديد كان وعد صغيره ياسين به، ثم خرج مساء للقاء صديقه، ولم يعد بعدها.

تقول آمال إن نجلها يعمل سائق شاحنة لمسافات طويلة ويبيت خارجا، وحين لم يجب على اتصالاتها قلقت كثيرا، ولم تعلم بنبأ اعتقاله إلا في اليوم الثالث من متصل مقدسيّ، أما شرطة الاحتلال فأبلغت باعتقاله بعد 4 أيام من ذلك.

ويروي المسن محمد الرازم للجزيرة نت الحدث الذي غيّر حياة نجله قائلا "بيت الشهيدة شيرين أبو عاقلة قريب من بيتنا، ويومها كان حسام مغادرا من عمله، فاعترضته شرطة الاحتلال ورشت غاز الفلفل في وجهه، ما أدى لاختناقه، فهو يعاني من مرض الربو ومن حساسية في الصدر، ركض مسرعا إلى مركبة الإسعاف لتلقي العلاج، لكن الشرطة طاردته".

فلسطين_القدس_يتساءل الطفل ياسين عن سبب قيد والده المحكم ومعاملته كالمجرمين-الجزيرة نت-جمان أبوعرفة
الطفل ياسين يتساءل عن سبب قيد والده المحكم ومعاملته كالمجرمين (الجزيرة)

دافع عن نفسه

تكمل آمال رواية زوجها قائلة إن الشرطيين بدآ بسحب حسام وضربه، وتحت تأثير الصدمة والألم وتحفيز الشبان في المحيط، قاد المركبة وسار بضعة أمتار لينجو بنفسه، ثم أوقفها وسلّمها لسائقها، وتوجه مباشرة إلى أقرب مركز طبي طلبا للعلاج، وفي ساعات المساء كانت الشرطة بانتظاره حيث اعتقل من مركبته الخاصة قرب مستوطنة "بسغات زئيف" على أراضي بلدة بيت حنينا.

تنقّل الرازم خلال اعتقاله بين سجني هداريم ونفحة الإسرائيليين، وتقول والدته إنه يعاني من آلام في وجهه وأسنانه، ويحكم الاحتلال قيده في معظم الأحيان، حتى وهو داخل السجن.

تتنهد الأم بصبر ثم تختم "كان يقول لي اطمئنّي لم أفعل شيئا سأسجن سنة وأعود، لكنه حين عرف بالحكم صُدم وتأثر كثيرا".

المصدر : الجزيرة