"مرابطات عن بعد" فريقٌ تطوعي يسعى لنصرة بيت المقدس

تتعرض المرابطات لأشكال مختلفة من المضايقات من سلطات الاحتلال المصدر _ الجزيرة ارشيف
المرابطات المقدسيات تعرضن لأشكال مختلفة من الاعتداءات والمضايقات من سلطات الاحتلال (الجزيرة نت)

عمّان- "كانت المرة الأولى التي أدرك فيها معنى آخر للرباط يمكنني أن أقوم به وأنا هنا في بيروت " بهذه الكلمات عبّرت الناشطة سيرين الموعد (20 عاما) عن أيامها الأولى مع فريق "مرابطات عن بُعد" والذي اعتبرته وسيلتها التي بحثت كثيرا عنها لتقدم شيئا لقضية فلسطين لا سيما القدس والمسجد الأقصى المبارك.

تقول سيرين للجزيرة نت إن تعريف "الرباط" لم يعد يقتصر لديها على "العمل البطولي التي تؤديه النسوة والرجال بالوقوف على أبواب المسجد الأقصى وفي ساحاته ومواجهة قوات الاحتلال والاعتداءات وحسب" وإنما يشمل أشكالاً أخرى خاصة بأمثالها من خارج فلسطين تتمثل بالجانب الإعلامي والمعرفي وإصلاح الذات وغيرها.

وتقول أيضا إن على الجميع أن يدرك هذا المعنى، مشيرة إلى أن "فلسطين هي قضية الأمة العربية والإسلامية وكل حر في العالم، وهذا ما عشته في هذه الحملة التي جمعت أعدادا كبيرة من الفتيات والنساء كل منهن من مكان مختلف، اجتمعن على هدف واحد وهو نصرة قضية الأمة الأولى".

**من نشاطات فريق مرابطات عن بعد مع الأطفال** للاستخدام الداخلي فقط
من نشاطات فريق "مرابطات عن بُعد" في توعية الأطفال وتعريفهم بالقدس والأقصى خارج فلسطين (مواقع التواصل)

من المغرب

أمّا المغربية فاطمة نعيم (46 عاما) فلم يمنعها انشغالها بأطفالها وعائلتها من الانضمام لفريق المرابطات عن بُعد، والتفاعل مع مهماته الإعلامية اليومية.

وتقول إن انضمامها للفريق بدأ عندما شاهدت منشورا على موقع "فيسبوك" موقّعا بوسم "مرابطات عن بعد" الأمر الذي أثار انتباهها لتبحث عن طريقة الانضمام لفريقه.

وأصبحت فاطمة -كما تقول- تجسّد معنى الرباط في متابعتها ومواكبتها للأحداث وفيما تنشره وتخبر به أبناءها، فتشعر بما تعيشه المرابطات في المسجد الأقصى ويصيبها ما يصيبهن من فرح أو حزن، وتستمد عزيمتها منهن، وتسعى بكل قوتها لنقل حقيقة ما يجري بكل ما تملكه من أدوات ووسائل، وساعدها الفريق بأن يكون موجهاً ومدروساً وجماعياً وأكثر تأثيرا.

"رجّعولي حجابي"

وعن نشأة الفكرة، تقول الخنساء المحسيري إحدى المشرفات في "مرابطات عن بعد" -للجزيرة نت- إن الفكرة بدأت بعد اعتداء قوات الاحتلال على مرابطات في المسجد الأقصى واعتقال المعلمة هنادي الحلواني ونزع حجابها قبل شهور، فتداعت حينها مجموعة من الفتيات لإنتاج عمل مرئي بعنوان "رجعولي حجابي" وتمت ترجمته لعدة لغات ونشره بشكل واسع.

وما لبث هذا الجهد أن تحول إلى فريق عمل أطلقن عليه "مرابطات عن بُعد" دعما للمرابطات على الأرض في المدينة المقدسة المحتلة، وتم فتح المجال أمام ناشطات من كل العالم للانضمام إليه "حيث سعينا من خلاله لغرس القضية الفلسطينية في نفوس المنضمات للفريق، والتركيز على إحداث أثر حتى ونحن في بلاد مختلفة خارج فلسطين، فجزء من المعركة اليوم (يتعلق بالوعي)".

**من نشاطات فريق مرابطات عن بعد مع الأطفال** للاستخدام الداخلي فقط
نشاط المرابطات عن بُعد لم يتوقف على الأمهات (مواقع التواصل)

مهام إعلامية يومية

وعن آلية عمل الفريق، تقول الخنساء إن النشر الإلكتروني أداة أساسية في العمل من خلال مهمّة يومية مواكبة لما يحدث في القدس من اعتداءات واقتحامات تهدف لتهويد المسجد الأقصى والمدينة المقدسة، ولا يقتصر الأمر على ذلك فهناك محتوى يخصّ قضايا مختلفة أيضاً مثل الأسرى الفلسطينيين والاستيطان وغيرها، بالإضافة لمجموعة من النشاطات المعرفية والتوعوية الأخرى.

ويضم الفريق -الخنساء- متطوعات من عدد كبير من الدول مثل الأردن ولبنان والكويت وموريتانيا والعراق والمغرب بالإضافة لفلسطين. وتم عقد عدد من النشاطات على الأرض، إضافة لتأسيس فريق خاص يحمل اسم "مترجمون لأجل القدس" يهدف إلى تحويل المحتوى الذي يتم إنتاجه من الفريق للغات أخرى.

المرابطة والناشطة المقدسية زينة عمرو
المرابطة والناشطة المقدسية زينة عمرو تحدثت عن أهمية إسماع صوت القدس والأقصى خارج فلسطين (الجزيرة نت)

إسماع صوت القدس

وعن أثر تلك التجمعات والأفكار، تقول المرابطة المقدسية زينة عمرو للجزيرة نت إن قلوب الكثيرين تتوق للقدس وتتفطر لخدمة ومناصرة المسجد الاقصى، ولكن كل السبل تحول دون الوصول المباشر للمدينة المقدسة بسبب الاحتلال، فتأتي هذه الحملات والنشاطات مثل "مرابطات عن بعد" في الوقت المناسب كواجب على الأمة لتبقى القضية حيّة في النفوس.

وتضيف أن هذا العمل مهم جداً فلا بد أن يتم إسماع صوت القدس للعالم وإحداث حالة من الوعي والتغيير من خلال تسليط الضوء على القدس وأهلها والأقصى وما يدور فيه "ونحن كمقدسيين ننظر بعين الإكبار والتقدير لهذه الأفكار لدورها الكبير في تقديم المساندة المعنوية للقدس وأهلها من خلال نشر الوعي والمعرفة حول واجب الأمة تجاه القدس".

وترى المرابطة المقدسية أن "كل جهد له أثر تراكمي سيؤتي ثمراته ذات يوم، فالمعرفة تقود للتغيير والتغيير يقود للتحرير، وهذا ما نأمله من هذه التجمعات" وتضيف "المشاركة في تلك الأفكار هو ما تحتاجه فلسطين وهو أقل القليل لمن لا يستطيع الوصول إليها، فالرباط على ثغر الكلمة على قدر كبير من الأهمية، ومعركة الوعي هي معركتنا جميعا"ً.

اعتقالات وحرمان

وتعاني المرابطات المقدسيات مضايقات مختلفة من سلطات الاحتلال تتمثل بالاعتقالات المتكررة واقتحام منازلهن والاستدعاءات للتحقيق وقرارات الإبعاد عن المسجد الأقصى المبارك، فضلاً عن المنع من السفر، وآخر قراراته طالت المعلمة المقدسية هنادي لمدة شهر قابل للتمديد 6 أشهر أخرى، وليست المرة الأولى.

وهو ما يرجعه ناشطون إلى محاولة الاحتلال منع صوت المرابطات، وتقييد تأثيرهن الكبير في شحذ همم الشبان والفتيات خارج فلسطين.

المصدر : الجزيرة