مع اقتراب العملية التركية في سوريا.. واشنطن تحذر وأنقرة ترد على الانتقادات

Smoke rises from a building after a shelling hit targets near the northern Syrian village of Zor Magar
قصف تركي لأهداف في الشمال السوري (رويترز)

رفضت واشنطن عزم تركيا على القيام بعملية برية في الشمال السوري ضد فصائل كردية مسلحة، فيما ردت أنقرة على الانتقادات الغربية لهذه العملية، وسط اتهام روسي للولايات المتحدة بدعم الأكراد.

وقال بيان لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن الوزير لويد أوستن أجرى مباحثات هاتفية مع نظيره التركي خلوصي أكار، أعرب خلالها عن معارضة البنتاغون الشديدة لعملية عسكرية تركية جديدة في سوريا، وفق البيان.

وأضاف البيان أن أوستن أعرب عن القلق جراء التصعيد في شمالي سوريا وفي تركيا، بما في ذلك الغارات الجوية الأخيرة التي قال البيان إن بعضها أسفر عن تهديد مباشر لسلامة القوات الأميركية التي تعمل مع شركاء محليين في سوريا لإلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة.

وقال البنتاغون إن أوستن قدم تعازيه لأكار في ضحايا هجوم إسطنبول والهجمات اللاحقة في جنوبي تركيا، كما جدد التأكيد على أهمية الشراكة الإستراتيجية بين البلدين.

هجوم وشيك

وكان مصدر رسمي تركي أكد للجزيرة الأربعاء أن تركيا أنجزت كافة التحضيرات العسكرية واللوجستية اللازمة لتنفيذ العملية البرية المحتملة شمالي سوريا، مشيرا إلى معلومات عن انسحاب القوات الأميركية من بعض المواقع.

وقال المصدر إن هدف المرحلة الأولى من العملية العسكرية هو السيطرة على تل رفعت ومنبج وعين العرب كوباني التي تسيطر عليها حاليا وحدات حماية الشعب الكردية، التي تعد المكون الرئيسي لما يعرف بقوات سوريا الديمقراطية.

وأكد المصدر أن العمليات العسكرية ستنفذ بشكل دقيق ومن دون أي تهديد لسلامة القوات الأميركية والروسية، وفق تعبيره.

وأطلقت تركيا قبل أيام عملية "المخلب-السيف" ضد الوحدات الكردية بشمال وشمال شرق سوريا، بعد أن اتهمتها بتدبير التفجير الذي وقع في شارع الاستقلال بإسطنبول وأوقع 6 قتلى، وهو ما نفاه المسلحون الأكراد.

وشنت القوات التركية ضربات جوية وبرية على مواقع الوحدات الكردية في أرياف محافظات حلب والحسكة والرقة، وأكد مسؤولون أتراك أن الضربات أسفرت عن مقتل المئات من المسلحين الأكراد.

تعزيزات روسية

وفي الأثناء، أفاد سكان في تل رفعت للوكالة الفرنسية بوصول التعزيزات العسكرية الروسية إلى المدينة ومحيطها، مشيرين إلى أن القوات الروسية وضعت حاجزا جديدا عند خط تماس يفصل بين مناطق سيطرة القوات الكردية وتلك الواقعة تحت سيطرة أنقرة والفصائل السورية الموالية لها.

وتعد تلك التعزيزات الروسية الأولى في المنطقة، منذ أن شنت تركيا قبل 10 أيام ضربات جوية قالت إنها استهدفت المقاتلين الأكراد.

وكانت قوات سوريا الديمقراطية، وعلى رأسها وحدات حماية الشعب الكردية، قد طلبت من روسيا التدخل لدى أنقرة للحؤول دون تنفيذ تهديداتها بشن هجوم بري جديد ضد مناطق سيطرتها.

اتهام روسي لواشنطن

وفي الأثناء، اتهمت روسيا الولايات المتحدة بدعم المشاعر الانفصالية لبعض قادة أكراد سوريا، وبأنها تتبع علنا خطا لفصل هذه الأراضي عن بقية البلاد.

وجاء ذلك على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، التي قالت -في مؤتمر صحفي بموسكو الأربعاء- إن ما وصفته بالتواجد العسكري غير القانوني للولايات المتحدة في سوريا، هو العقبة الأساسية أمام المصالحة بين الإدارة التي نصّبت نفسها في الجزء الشمال الشرقي من سوريا وحكومتها.

وتابعت: نبذل جهودا لتشجيع الحوار بين ممثلي الإدارة التي نصّبت نفسها في شمال شرقي سوريا وحكومة الجمهورية العربية السورية، لإعادة الفرات إلى حيز الدولة السورية.

وأضافت أن العقبة الرئيسية لا تزال تتمثل في الوجود العسكري الأميركي "غير الشرعي".

وفي حديثها عن العملية التي أطلقتها تركيا ضد الإرهاب في سوريا، قالت زاخاروفا إن موسكو تعمل عن كثب مع الشركاء الأتراك والسوريين لمنع تصعيد الوضع في شمالي سوريا، في ضوء خطط أنقرة المعلنة لإطلاق عملية عسكرية برية في الأراضي السورية.

"قلق" فرنسي

من جانبها، أعربت فرنسا لأنقرة عن "قلقها العميق" بشأن الضربات التركية في سوريا والعراق، والتي "تهدد التقدم" المحرز في مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية، بحسب بيان لوزارة الدفاع الأربعاء.

وقال وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لوكورنو -في اتصال هاتفي مع نظيره التركي خلوصي أكار، الثلاثاء- إن هذه الضربات "تؤدي إلى تصعيد التوترات التي تهدد استقرار المنطقة والتقدم الذي أحرزه التحالف الدولي على مدى عدة سنوات في مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية"، بقيادة الولايات المتحدة ودول أخرى، وفق البيان.

وحذّر من أن التدخل في سوريا من شأنه أن "يهدد سلامة أفراد التحالف العاملين في شمال شرق سوريا، ويساعد على هروب مقاتلي الدولة الإسلامية".

ردّ تركي

وردا على الانتقادات الموجهة للعملية التركية بسوريا، قال مندوب تركيا لدى الأمم المتحدة فريدون سينيرلي أوغلو إن ما يعرف بقوات سوريا الديمقراطية تشكل تهديدا مصيريا للأمن القومي التركي، مشيرا إلى قيام التنظيم باستهداف حدود تركيا مرارا خلال العامين الأخيرين.

وذكّر الدول المنتقدة لعمليات تركيا شمالي سوريا في مجلس الأمن، بالتفجير الذي وقع في إسطنبول في 13 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وأسفر عن مقتل 6 أشخاص وإصابة أكثر من 80 آخرين.

وأكد سينيرلي أوغلو أنه لا يمكن التسامح مع الهجمات الإرهابية التي تستهدف المدنيين، وأنه لا يمكن لأي دولة التهاون حيال الهجمات المتعمدة ضد أراضيها وشعبها.

وشدد على أن تركيا ستواصل عمليات مكافحة الإرهاب بموجب الحق المشروع للدفاع عن النفس الوارد في المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، وقرارات مجلس الأمن الدولي.

ووصف التصريحات القائلة إن عمليات تركيا ضد الفصائل الكردية ستؤثر سلبا على مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية، بأنها منفصلة عن الواقع.

المصدر : الجزيرة + وكالات