شعار قسم ميدان

ليفربول كلوب ينهار مثل روكي.. هل يكون بيب لييندرز هو أبولّو كريد؟

LIVERPOOL, ENGLAND - APRIL 02: Juergen Klopp, Manager of Liverpool and Pepijn Lijnders, Assistant Manager of Liverpool (R) look on during the Premier League match between Liverpool and Watford at Anfield on April 02, 2022 in Liverpool, England. (Photo by Clive Brunskill/Getty Images)
"يورغن كلوب" مدرب نادي ليفربول ومساعده "بيب لييندرز" (يمين) (غيتي)

ربما نحتاج في بعض الأوقات إلى طوق نجاة ينتشلنا من حالة الضياع والتيه التي قد ترمي بنا في غياهب النسيان، ولا نصبح بعدها سوى ذكرى لا أكثر. احتاج روكي بالبوا إلى طوق النجاة ذاك بعد هزيمته أمام كلابر لانغ شر هزيمة، وبعد وفاة مديره وصديقه، ميكي غولدميل، وقد وجده بالفعل في أبولو كريد. (1)

 

للسينما سحرها الخاص، الذي أسر العديد من الأعين والقلوب عبر الزمن. لا نستطيع تعداد الأعمال الفنية الخالدة التي تناقلتها الأجيال، ولكلٍّ منا العمل الفني المحبب إليه، لأسبابه الخاصة جدا. ويورغن كلوب ليس استثناء من ذلك، ولا يوجد أبلغ من اعتقاده بوجوب عرض أفلام روكي بالبوا في المدارس الألمانية، للدلالة على مدى هوس الرجل بالسلسلة. (2)

 

لا نعلم حقا السبب وراء ذاك الهوس، ربما يتعلق الأمر بمدى صعوبة وملحمية مشوار روكي من الحضيض إلى القمة، ربما يتعلق بالعمل الجاد والإصرار، وبذل كل ما لديك لتحقيق الهدف المنشود. نعلم كم يبدو ذلك مبتذلا، لكن نود الظن أن هذا هو سبب ثقة كلوب في بيب لييندرز، مساعده في ليفربول، لأنهما يتشاركان الرؤية نفسها لدفع اللاعبين لإعطاء كل ما لديهم على أرض الملعب، وهي الرؤية التي صاغها لييندرز في كتابه "الحدة: هويتنا" (Intensity: our identity) الذي صدر في أغسطس/آب الماضي، والذي يسرد فيه تفاصيل الموسم الفائت لليفربول بقوله: "أردنا إعطاء كل شيء. لِمَ قد يرغب أحد في الحصول على كل شيء إن لم يُعطِ كل شيء لتحقيقه؟".

كتاب "الحدة: هويتنا" (Intensity: our identity) لبيب لييندرز
كتاب "الحدة: هويتنا" (Intensity: our identity) لبيب لييندرز (مواقع التواصل)

ربما يرى كلوب شيئا من أبولو كريد في لييندرز، ربما يرى أن هذا الرجل هو طوق النجاة لليفربول في الفترة الحالية لا سيما بعد رحيله المتوقع في 2026. ربما يرى كلوب أن مساعده الهولندي يحمل تلك الشرارة التي أشعلها كريد بداخل بالبوا، التي جهَّزته لافتراس خصومه كالنمر مرة أخرى، لكن هنا يُطرح سؤال الـ75 مليون يورو؛ هل هو حقا قادر على ذلك؟ (4) (5)

 

أربع جولات.. ضربتان قاضيتان

أجهز الآلة المدمرة -كما وصفه ميكي- كلابر لانغ على منافسه بالضربة القاضية، ولم يحتج إلى أكثر من جولتين لهزيمته في النزال الأول بينهما، وذلك إثر تأثر روكي بمشكلات مديره -وصديقه- بالقلب، التي ازدادت بسبب دفع لانغ له قبل بداية النزال، مما أدى إلى وفاته في النهاية.

 

لكي نتحرى الصدق، لم يكن الأمر بتلك السهولة مع السيتي، احتاج الأمر إلى صراع مرير مع ليفربول انتهى بفوز المواطنين بالدوري بفارق نقطة واحدة، كما كان الحال في موسم 2018-2019. ورغم كون ذاك الموسم نقطة انطلاق للريدز ليفوزوا بالدوري في الموسم التالي، فإن الأمر كان مختلفا هذه المرة، فعندما سجَّل إلكاي غندوغان الهدف الثالث للمواطنين في مرمى أستون فيلا في الجولة الأخيرة من البريميرليغ، فإنه وجَّه الضربة القاضية الأولى إلى وجه مشجعي ليفربول، معلنا نهاية الصراع، وسقوط الريدز للمرة الثانية أمام بيب في المنافسة المباشرة بين الفريقين على لقب الدوري. (6)

"أهمية الدقائق الخمس بعد المباراة تفوق أهمية الأيام الخمس التي نحضر فيها للمباراة".
يورغن كلوب (3)

تتحدث جين آيرلاند، مدربة فرق الناشئات بمدينة تشاتانوغا بولاية تينيسي الأميركية، عن أهمية التحليل الذاتي بعد أي مباراة على منصة "Girls soccer development"، مشبهة الأمر سلسلة من الأسئلة الناقدة للذات؛ هل لعب الفريق بشكل جيد؟ هل لعب كل لاعب/ لاعبة بشكل جيد؟ هل هناك شي يحتاج إلى التحسين في الأداء؟ وهكذا. وذكرت أهمية أن يقوم اللاعب/ اللاعبة بهذا التحليل بعد المباراة مباشرة، حتى ولو للحظات، فالأمر لا يحتاج إلى أكثر من تكريس خمس دقائق لهذا الغرض. كذلك يجب أن تكون هذه الملاحظات دقيقة ومفصلة وإلا فإنها ستفقد المغزى من ورائها. (7)

 

نود الظن أن تلك الدقائق الخمس هي ما يحاول فيها كلوب أن يتبع فيها نصيحة ديف كلارك، المحرر السابق بموقع "Soccer coach weekly"، التي تحدث فيها عن المقاربة الإيجابية التي يجب على مدربي الفئات السنية الصغيرة اتباعها عند التحدث مع لاعبيهم. يدعو كلارك إلى التركيز على الجانب، سواء كان هذا في التمارين أو قبل المباريات أو -في هذه الحالة- بعدها، وهذا ينطبق أيضا على المباريات التي تنتهي بالخسارة، وخاصة الخسارات الكبرى، وهل هناك خسارة أكبر من خسارة نهائي دوري الأبطال، خاصة إن كنت الطرف الأفضل في أغلب مجريات اللقاء؟ (8) (9)

 

يتحدث لييندرز في كتابه المذكور آنفا عن الهدوء الذي ساد غرفة الملابس حينها، ذاك الهدوء المميت الذي غلب عليه الإحباط، وخيبة الأمل، وبعض أصوات البكاء، كصوت بكاء روكي عندما فقد ميكي حياته بعد النزال أمام لانغ. يذكر لييندرز حديث كلوب في تلك الغرفة، ومدى الفخر الذي كانا عليه بعد تلك المباراة أمام ريال مدريد في باريس بقوله:

"الأمر مختلف هذه المرة. ربما بالنسبة إليَّ أكثر مما هو بالنسبة إليكم بكل صدق حاليا، لكن الأمر كذلك. هذه ليست عبارة مبتذلة، وأعلم أنني استخدمت العبارة التالية بما يكفي؛ سوف نعود مرة أخرى. أعدكم بذلك. أعلم أنكم لا تشعرون بالفخر حيال أنفسكم الآن، لكن عليكم بذلك مع الوقت. جزيل الشكر لطاقمنا، ولكم يا رفاق ولجميع أفراد عائلاتنا لأن هذا لم يكن سهلا على الإطلاق"

هل هناك حاجة إلى إضافة أي شيء هنا حقا؟ ذاك الحديث هو ما يفرق يورغن عن عديد من المدربين في المستويات العليا؛ التعامل مع الصعوبات، وإخراج أفضل ما لدى اللاعب من خلال العمل على الجانبين النفسي والذهني، ومَن يتمكن من التحلي بذاك النوع من الهدوء عند خسارة النهائي الرابع أوروبيا من أصل خمسة نهائيات مع دورتموند وليفربول، فهو لا يحتاج إلى المزيد فعلا. لكن لا تأتي الرياح بما تشتهي السفن، ربما هناك نوع من السخرية غير المقصودة في ذكر الرياح هنا، ولكن المقصود أن الأمور لا تسير دوما كما نود، والعالم ليس مفروشا بالورود، والكلمات لا تمحو الذكريات السيئة بسهولة، ونود الظن أن الموسم الحالي لليفربول مثال حي على ذلك.

 

على نحو متقطع

الأمر كما وصفه لييندرز في عنوان كتابه؛ الحدة هي الهوية، ويحتاج ذلك إلى إعطاء 100% مما لديك بوصفك لاعبا لتنتمي إلى مجموعة اللاعبين تلك في رأي لييندرز، وإن لم تعطِ كل ما لديك ينهار النظام، وربما للوهلة الأولى تبدو تلك النظرة مناسبة لوصف ما يعاني منه ليفربول هذا العام؛ لأن اللاعبين لا يعطون كل ما لديهم ليحافظوا على استقرار النظام، لكن علينا هنا أن نطرح سؤالا؛ هل تلك هي كل المشكلة؟

 

لفهم الأمر، ربما علينا أن نشير إلى معدل الـ"PPDA"، أو "Passes per defensive actions"، الذي يعبر عن عدد تمريرات الخصم ما قبل القيام بتدخل دفاعي من قِبَل الفريق. في مباراة التعادل مع برايتون هذا الموسم بنتيجة 3-3، وصل هذا المعدل إلى 6,99 تمريرات بالنسبة لليفربول حسب موقع "Understat"، وبحسب "Statsbomb"، كان متوسط الرقم هو 9.6 تمريرات في تلك المرحلة من الموسم. (10) (11) (12)

صورة: إحصائية الـ"PPDA" لليفربول بعد 7 مباريات من البريميرليغ – المصدر: Understat
: إحصائية الـ"PPDA" لليفربول بعد 7 مباريات من البريميرليغ – المصدر: Understat

للتوضيح، كلما ازداد هذا الرقم، كان ذلك تعبيرا عن قلة حدة الضغط الخاص بالفريق. وقد ارتفع هذا الرقم بالنسبة لليفربول وفقا لـ"Statsbomb" إلى 15.1 تمريرة على مدار شهر أكتوبر/تشرين الأول الفائت قبل بداية كأس العالم، قبل أن ينخفض مرة أخرى في المباريات الثلاث التي خاضها ليفربول في الدوري إلى 10,83 تمريرات، وبوجه عام، ارتفع الرقم إلى 14.1 في المباريات العشر الأخيرة للفريق في الدوري. (10) (11) (12)

صورة: إحصائية الـ"PPDA" لليفربول في آخر 10 مباريات من البريميرليغ – المصدر: Understat
إحصائية الـ"PPDA" لليفربول في آخر 10 مباريات من البريميرليغ – المصدر: Understat
صورة؛ إحصائية الـ"PPDA" لليفربول في الفترة ما بعد مباراة برايتون وحتى مباراة ساوثامبتون في البريميرليغ – المصدر: Understat
إحصائية الـ"PPDA" لليفربول في الفترة ما بعد مباراة برايتون وحتى مباراة ساوثامبتون في البريميرليغ – المصدر: Understat

يعني ذلك أن الفريق لم يستقر على حدة الضغط التي كان عليها في المواسم المنصرمة، ويتضح ذلك أكثر في إحصائيات الضغط على الخصوم في ثلثي الملعب الأوسط والأخير، التي انخفضت بشكل لافت في شهر أكتوبر/تشرين الأول الفائت؛ إذ كان الفريق يضغط 62 مرة لكل 90 دقيقة في الثلث الأوسط، وانخفض ذلك الرقم إلى 53.2 مرة هذا الموسم، وانخفض الرقم ذاته في الثلث الأخير من 44.8 الموسم المنصرم إلى 35.2 هذا الموسم. (11)

 

لم يستقر الفريق على حدة الضغط التي يجب أن يتبعها خلال هذا الموسم أيضا، ولا يوجد دليل أفضل من تفاوت أرقام الـ"PPDA" خلال فترات متقطعة من الموسم، وكذلك أرقام استرجاع الكرة نتيجة لمحاولات الضغط، أي إن الفريق يعاني من أزمة هوية واضحة، فاختلاف تلك الأرقام من النقصان إلى الزيادة ومن ثم إلى النقصان مرة أخرى يدل على مدى صعوبة تأقلم اللاعبين على الحدة التي يطالبها بهم كلوب ولييندرز. لا يتعلق الأمر باللاعبين فحسب، رغم كونهم عاملا مهما فيما يحدث للفريق، لكنه يتعلق بكلوب ولييندرز أيضا، سواء كان هذا على صعيد الهوية أو على الصعيد التكتيكي. (11)

 

عندما تتحول الأحلام إلى كوابيس

"ثمانية في الهجوم واثنان في الدفاع.. هذا هو الحلم"
بيب لييندرز

مرة أخرى، تُعبِّر كلمات لييندرز في كتابه عما نريد التحدث عنه. كان قد استطرد هنا في الحديث عن التحضير لمباراة نوريتش سيتي في مطلع موسم 2021-2022، عن الفكرة التي تغذي ثقافة النادي، وهي أن الفريق هو مَن يؤثر في عقلية اللاعب، وليس العكس، وكان يتبع المقاربة نفسها في التدريبات؛ أن يكون الفريق وحدة واحدة وخاصة في المراحل التي يكون فيها الفريق خارج الحيازة.

 

يعتقد لييندرز أنهم إذا تمكنوا من ذلك فيستطيع أن يلعب بثمانية مهاجمين وثنائي دفاعي فقط. ربما علينا أن ننصف الرجل هنا؛ 58 فرصة محققة مصنوعة ليست بالرقم السيئ على الإطلاق، ولا يفوقه دهشة سوى نسبة تسجيل تلك الفرص؛ 27,6%، الأسوأ بين جميع فِرَق البريميرليغ، ربما المشكلة ليست في المنظومة الدفاعية فقط بعد كل شيء. (12)

صورة: انتشار لاعبي ليفربول الهجومي في مباراة إيفرتون - المصدر: مواقع التواصل
انتشار لاعبي ليفربول الهجومي في مباراة إيفرتون – المصدر: مواقع التواصل

هذه الثقافة في العمل كوحدة واحدة خاصة خارج الحيازة هي على رأس ما يفتقده ليفربول هذا الموسم. في الصورة السابقة من مباراة إيفرتون نستطيع استخراج العديد من المشكلات؛ مثل واقع أن غوميز يتم الضغط عليه بثلاثي من لاعبي إيفرتون، وحال خسارته للكرة، سيتحول الأمر إلى موقف 3 ضد 1 لصالح التوفيز، ربما 3 ضد 2 إذا احتسبنا محمد صلاح بسبب عامل السرعة، ولكن الأمر مستبعد نوعا ما، وهذا يعود لانتشار لاعبي ليفربول هجوميا في الثلث الأخير، الذي يصعّب عملية الدفاع الوقائي.

صورة: انتشار لاعبي ليفربول الهجومي في مباراة إيفرتون - المصدر: مواقع التواصل
انتشار لاعبي ليفربول الهجومي في مباراة إيفرتون – المصدر: مواقع التواصل

بالتبعية أيضا يؤثر هذا على عملية الضغط العكسي، لأنه يجبر اللاعبين على الركض لمسافاتٍ كبيرة نسبيا بدون الكرة، ورغم قدرة لاعبي ليفربول على فعل ذلك عادة، فإننا يمكن أن نسرد العديد من الأسباب التي تجعلهم عاجزين عن فعل ذلك بالكفاءة المنشودة؛ من لعب الفريق لـ63 مباراة الموسم المنصرم، والنهاية المأساوية للموسم، لإدخال العديد من العناصر الجديدة تكتيكيا على هيكل الفريق مثل داروين نونييز. نظن أن أرقام الـ"PPDA" تتبادر إلى ذهنك الآن. (12)

صورة: ضغط ليفربول العكسي السيئ أمام ليدز يونايتد عند افتكاك الكرة – المصدر: مواقع التواصل
ضغط ليفربول العكسي السيئ أمام ليدز يونايتد عند افتكاك الكرة – المصدر: مواقع التواصل

إن لم تكن إحصائيات ركض لاعبي الفريق والمسافات المقطوعة هذا الموسم إشارة على ذلك، أي فقدان الحدة، الكابوس الذي يعيشه كلوب ولييندرز حاليا، فربما علينا أن نتحدث عن عدد التمريرات الأمامية التي يسمح بها الفريق هذا الموسم؛ 22.4 تمريرة أمامية لكل 90 دقيقة، هذا أكبر معدل يسمح به الفريق في موسم واحد في جميع مواسم كلوب الكاملة مع ليفربول، وربما معدل الـ8.76 اعتراضات للكرة لكل 90 دقيقة هذا الموسم، الذي يُعَدُّ الأقل في جميع مواسم كلوب مع الفريق وفقا لـ"FBref"، وهو إشارة أخرى على مدى رداءة مستوى الفريق بدون الكرة. (12) (13)

 

هذا بجانب معدل الأهداف المتوقعة التي يستقبلها الفريق، فبدون احتساب ركلات الجزاء، وصل ذاك المعدل إلى 1.27 لكل 90 دقيقة وفقا لـ"FBref"، وهو أعلى معدل لموسم واحد تحت إمرة يورغن كلوب. إن لم يكن كل ذلك كافيا، فربما علينا أن نقول إن الفريق استقبل حتى اللحظة 51 فرصة محققة في 17 مباراة لعبها في البريميرليغ، استقبل الفريق أكثر من ذاك الرقم بفرصتين فقط في الموسم المنصرم كاملا، ولا نتذكر فريقا استقبل 9 من تلك الفرص في مباراة واحدة (أمام نابولي في دوري الأبطال). (14)

 

كما ذكرنا سابقا، يتعلق الأمر جزئيا باللاعبين، ولكن الأمر لا يقتصر على ذلك. منظومة الفريق هشة دفاعيا؛ ضغط الفريق ليس جيدا، الضغط العكسي يغلب عليه انعدام الرغبة والقدرة وقلة التركيز، هذا بجانب التوزيعات المكانية للاعبين أثناء الحيازة، وهذه مسؤولية الطاقم الفني في رأينا. هناك مشكلات جمة في ليفربول، والأمر ليس وكأن المشكلات ذات بُعد واحد، بل هي بتعقيد المنظومة التي يُدار بها النادي كله، وهنا تتحول أحلام بيب لييندرز بشكل منهجي إلى كابوس، ولا يبدو الأمر على وشك الانتهاء هذا الموسم حقا.

 

سؤال الـ157 مليون جنيه

Soccer Football - Premier League - Chelsea v Liverpool - Stamford Bridge, London, Britain - January 2, 2022 Liverpool assistant manager Pepijn Lijnders reacts REUTERS/Toby Melville EDITORIAL USE ONLY. No use with unauthorized audio, video, data, fixture lists, club/league logos or 'live' services. Online in-match use limited to 75 images, no video emulation. No use in betting, games or single club /league/player publications. Please contact your account representative for further details.
"بيب لييندرز" مساعد مدرب ليفربول (رويترز)

نعلم أن بحلول هذا الوقت الآن قد تبادر إلى ذهنك ذاك السؤال المنطقي الذي يفرض ذاته؛ هل يملك لييندرز القدرة على خلافة يورغن كلوب؟ والحقيقة أنه لا توجد إجابة نموذجية أو منطقية لسؤال كهذا حقا، يحتاج الأمر إلى الوقت والظروف المواتية لمعرفة الإجابة، رغم بعض المؤشرات غير المطمئنة.

 

بالطبع نقصد إيان غراهام وجوليان وارد عندما نتحدث عن تلك المؤشرات، فقد كان لقرار رحيلهما عن النادي وقع الصاعقة على نسبة ليست بالقليلة من جمهور ليفربول، فعندما تفكر في غراهام، الذي قضى 10 أعوام بداخل جدران الأنفيلد مديرا للأبحاث وتحليل البيانات، وعندما تفكر في عمله الممتاز في عديد الصفقات المميزة التي كان أحد المسؤولين عن جلبها للنادي، بجانب مايكل إدواردز بالتأكيد، قبل رحيله بنهاية الموسم الماضي، قد تجد مسألة رحيله غريبة بعض الشيء.(15)

 

لِمَ يغادر الرجل بعد تحقيق تلك النجاحات الباهرة؟ لِمَ غادر إدواردز؟ لِمَ عزم وارد على الرحيل أيضا مع أن الرجل خَلَف إدواردز في بداية الموسم فقط؟ لِمَ ينهار نظام ليفربول بهذا الشكل المنهجي الغريب فجأة؟ ربما يتعلق الأمر بعرض حصة من الفريق للبيع، ربما يتعلق بفكرة أن صفقات لويس دياز، وداروين نونيز، وكودي خاكبو، التي كلفت خزينة النادي 157 مليون جنيه إٍسترليني تقريبا، رغم كونها صفقات للاعبين مميزين، فإنها لم تسد العجز الذي يعاني منه الفريق، لِنَقُل في منتصف الميدان مثلا؟ ربما هذا هو الجزء الذي علينا تذكيرك فيه أن ليفربول لم يقم بصفقة واحدة في منتصف الميدان منذ صيف 2018 سوى تياغو ألكانتارا، الذي كان يبلغ من العمر حينها 29 عاما، وفابيو كارفاليو مؤخرا. (16) (17)

 

ربما علينا تذكيرك أيضا بحديث روبن ثورب، مستشار الأداء السابق بمانشستر يونايتد، عن اللاعبين الذين تعدوا عامهم الـ32، وأن التعامل معهم يكون بحذر، عبر منحهم أياما أكثر للراحة (18). عندما تنظر إلى لاعبي وسط ليفربول، تجد أن هناك جوردان هندرسون (32 عاما) وجيمس ميلنر (36 عاما) قد بلغوا السن المذكورة آنفا أو تعدوها، وأن تياغو (31 عاما) على وشك اللحاق بهم قريبا، وأن أليكس أوكسليد تشامبرلين (29 عاما) وفابينيو (29 عاما) ونابي كيتا (27 عاما) ليسوا بعيدين أيضا.

 

يمتلك ليفربول أحد أكبر معدلات الأعمار في وسط الميدان، التي توازنت قليلا بعد انضمام كارفاليو كما ذكرنا. في الواقع، يمتلك ليفربول خامس أكبر معدل أعمار لفريق في البريميرليغ هذا الموسم. الآن نعتقد أن معضلة الضغط العكسي صارت أكثر وضوحا. (18) (19)

 

إن لم يرَ كلوب المشكلة في وسط الملعب فقط، وقرر أن الأمر يكمن في سلوك المجموعة دفاعيا، كما تحدث بذاته مؤخرا، ربما عليه أن ينتبه إلى مشكلة المغادرين، وارد وغراهام وإدواردز من قبلهم، وهي أن لييندرز كان عاملا رئيسيا في الصفقات الثلاث المذكورة آنفا، فقد كان أولئك الثلاثة من ضمن 4 لاعبين انتدبهم النادي في الموسمين الأخيرين، كان الرابع هو إبراهيما كوناتي بالطبع، وربما كان ممكنا أن نرى كريستوفر نكونكو بقميص الريدز، لولا كلوب ولييندرز، اللذان رفضا الفكرة تماما، مع أن الرجل يُعَدُّ بديلا مثاليا لروبرتو فيرمينو في رأينا، ويستطيع ملء فراغ ساديو ماني، وهو خير معوض لمحمد صلاح، إن لم يكن الأخير متاحا لسبب أو لآخر. (20) (21)

 

مع ليفربول، كان الأمر -وما زال- يتعلق بالمجهود الجماعي، باجتماع النادي كاملا على قلب رجل واحد، لكن مؤخرا لا تبدو الأمور كذلك؛ فبرحيل غراهام ووارد، وبعرض النادي للبيع، وبرحيل جيم موكسون أيضا، طبيب النادي، في بداية الموسم، وعدم تعويضه حتى شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عندما أعلن النادي عن تعيين جوناثان باور بدلا منه، لا تبدو الأمور كما كانت عليه في الماضي. (22)

 

كان كل شيء يسير بشكل منهجي، وبخطوات واضحة، حتى إن لم تكن ملائمة لشريحة من جماهير الفريق، ولكن كان هناك خطة، وكانت واضحة. الآن تبدو الأمور فوضوية، وعشوائية، ولا تشعر أن النادي يسير على الخطى نفسها التي سار عليها من قبل، ولا نرى أن سبب هذا هو لييندرز فحسب بالتأكيد، ولكن ما نراه حقا هو أن ليفربول يعيش الفترة ذاتها التي عاشها روكي بالبوا بعد وفاة ميكي غولدميل، ربما يعيش ليفربول الفترة ذاتها التي فقد فيها العديد من الجماهير الشغف لمتابعة الفريق باستمرار في بدايات العقد حتى مجيء كلوب، طوق النجاة حينها، وأبولو كريد في ثوب الألماني الثائر الذي لم يطلب حينها سوى إيمان الجماهير، فهل يكرر التاريخ نفسه في بيب لييندرز؟ أم سيُمسي ليفربول في غياهب النسيان مرة أخرى؟

———————————————————————————-

المصادر:

1- فيلم روكي الجزء الثالث – Rocky III – IMDb

2- شغف يورغن كلوب بأفلام روكي – Talksport

3- كتاب بيب لييندرز "Intensity: Our identity" – Amazon

4- كلوب يمدد عقده في ليفربول حتى 2026 – ESPN

5- ليفربول يتم صفقة داروين نونييز مقابل 75 مليونا بجانب الإضافات – Reuters

6- مانشستر سيتي يفوز بالدوري الانجليزي في الثواني الأخيرة – Goal.com

7- أهمية التحليل الذاتي بعد المباريات – Girls soccer development

8- نصائح تدريبية – استخدام المقاربة الإيجابية لتحسين قدراتك التدريبية – ديف كلارك – Soccer coach weekly

9- ريال مدريد يفوز بالرابعة عشرة على حساب ليفربول – The Guardian

10- أرقام فرق الدوري الإنجليزي – Understat

11- لماذا تعبر هوية ليفربول الجديدة عن حدة أقل؟ – The Athletic

12- لماذا يفتقد وحوش الذهنية الخطورة التي كانوا عليها؟ – The Times

13- إحصائيات فرق الدوري الإنجليزي – Fbref

14- إحصائيات مباراة نابولي وليفربول في دوري أبطال أوروبا هذا الموسم – Sofascore

15- إيان غراهام وجوليان وارد يرحلان عن ليفربول بنهاية الموسم – ما وظيفة إيان غراهام بالظبط؟ – This is Anfield

16- مجموعة فينواي الرياضية تعرض نادي ليفربول للبيع – Mirror

17- صفقات ليفربول – Transfermarkt

18- بدأ ليفربول مباراة فولهام بستة لاعبين فوق الثلاثين. هل يهم الأمر؟ – The Athletic

19- معدل أعمار لاعبي فرق البريميرليغ – Football365

20- يورغن كلوب يراسل "مشاكل" وسط ميدان فريقه – Goal.com

21- تأثير بيب لييندرز على صفقات ليفربول – The Telegraph

22- تعيين جوناثان باور طبيبا لنادي ليفربول بدلا من جيم موكسون بعد رحيله بـ4 أشهر – This is Anfield

المصدر : الجزيرة