شعار قسم ميدان

ألفريد أدلر.. عقدة الطفل الثاني التي نسجت أشهر نظريات علم النفس

"من الأسهل دائما النضال من أجل مبادئ المرء بدلا من الالتزام بها"

في مساء شتوي بارد، بضاحية من ضواحي غرب فيينا عاصمة النمسا عام 1874، قال الطبيب الذي استدعاه السيد أدلر -تاجر الحبوب- للكشف عن ابنه المريض، إنه لا داعي لبذل الجهد للاعتناء بهذا الطفل العليل، لأنه لا أمل له في الشفاء. شعر ألفريد، الطفل ذو الأعوام الأربعة، بالذعر، فقد كان يخشى الموت كثيرا، خاصة بعد أن فقد أخاه الأصغر "رودولف" الذي مات على الفراش المجاور له قبل أشهر قليلة.

ربما كان الخوف هو ما أعطاه الرغبة في الحياة ومقاومة المرض، ونجا بالفعل من الالتهاب الرئوي الذي كاد يفتك به، وقرر بعد عدة أيام من التعافي أنه سيصبح طبيبا عندما يكبر، حتى يصبح محصنا بشكل أفضل من الموت. ولكن الحياة لا تسير دائما كما نخطط لها، وقد كانت تخفي في جعبتها الكثير من أجل الطفل، ألفريد أدلر، الذي لم يدرِ يومها أن اسمه سيُخلّد في كتب الطب النفسي بعد عدة عقود، وأن أفكاره ونظرياته ستحيا حتى القرن الواحد والعشرين.

طفل غير سعيد

"نحن نتعلم في الصداقة أن ننظر بعيون الآخر، ونسمع بآذان الآخر، وأن نشعر بقلب الآخر"

ألفريد أدلر

على الرغم من إصابته بالكساح في سني عمره الأولى؛ ما منعه من المشي والركض كأقرانه، فإن ألفريد تعافى منه بعد سن الرابعة، وأصبح طفلا شديد النشاط كثير الحركة، ومحبا للعب في الخارج أكثر من حبه البقاء في الفصل. ربما لهذا السبب كان مستواه الدراسي متوسطا، ولكن هذا لم يمنعه من بذل كل ما في وسعه من أجل التفوق على أخيه الأكبر "سيجموند". كان ألفريد هو الطفل الثاني في العائلة، ولعب هذا الترتيب دورا حيويا في تكوين شخصيته، ومن ثم نظريته عن "عقدة النقص" فيما بعد(1).

عاش ألفريد طفولة قد يراها الكثيرون عادية، بل وربما سعيدة، ولكنه لم يعتبر نفسه قط طفلا سعيدا. كانت عائلة أدلر مولعة بالموسيقى، وفي الحقيقة فإن ألفريد نفسه امتلك صوت تينور كان يؤهله ليصبح نجما في الأوبرا. ولكن عوضا عن امتهان الغناء، فضّل ألفريد الاستمرار في طريقه ليصبح طبيبا، لكنه أنفق كل وقت فراغه في حضور عروض الأوبرا والمسرح في فيينا. كان اهتمامه بتجسّد الشخصيات على المسرح بدايةً لاهتمامه بتحليل شخصيات البشر، ساعده هذا فيما بعد مع مرضاه، إذ كان يتعامل مع مشاعرهم الغامرة بالكثير من الهدوء قائلا: "كل ما تشعر به طبيعي تماما، ولكن ربما لا تحتاج إلى أن تشعر به كثيرا"(2).

كان طموح ألفريد في طفولته هو سر تعاسته. كان ينظر بعين الحسد لأخيه الأكبر، الابن البكر، الذي طالما رآه ألفريد محلقا في سماء الإنجازات، وأبعد من أن يستطيع اللحاق به، وظل هذا الإحساس ملازما له حتى آخر أيامه. ليس هذا فحسب، بل إن رفضه للسلطة المتمثلة في أخيه الأكبر، هو ما دفعه لرفض تأسيس مدرسة في علم النفس باسمه، ورفضه أيضا استخدام اللهجة الآمرة السلطوية مع تلاميذه. هذه العقدة التى كونها في طفولته بسبب أخيه، صبغت حياته وقراراته وحتى نظرياته. ورغم كل ذلك، ظل ألفريد دوما يتحدث عن أخيه الأكبر بكل احترام، باعتباره شخصا فاضلا يمد يد العون لمن يحتاج إليه من عائلته.

كان ألفريد طفلا طيب القلب، ولم يكن سعيدا تماما بالوضع المادي غير المتكافئ بينه وبين أقرانه في الحي نفسه، خاصة عندما عانت عائلته نفسها من تقلبات مادية دفعتهم عدة درجات أسفل السلم الاجتماعي. هذه الاختلافات الاجتماعية والمادية، بالإضافة إلى ويلات الحرب العالمية الأولى، دفعت ألفريد فيما بعد لتبني نظرية "المصلحة الاجتماعية (Social interest)" أو الترجمة الأكثر دقة للفظة الألمانية "Gemeinschaftsgefühl: الإحساس بالانتماء للمجتمع"، ويرى فيها ألفريد أن معنى الحياة لدى بعض الناس ينبع من اهتمامهم بالبشرية جمعاء(3).

دروب متغيرة

"لو كُنت صنعتها في مختبري، لما وجدتها أقرب لذوقي من هذا"

"رايسا تيموفييفنا" زوجة ألفريد أدلر برفقة أبنائهما.

كانت فترة الدراسة في جامعة "فيينا" نقطة تحول محورية أخرى في حياة ألفريد، الذي نجح في أن يصبح طبيبا للعيون وهو ابن الخامسة والعشرين. في ذلك الوقت، تعرّف على زوجته ورفيقة دربه، "رايسا تيموفييفنا (Raissa Timofeyewna)"، الناشطة السياسية الروسية ذات الفكر الاشتراكي، والتي نشأت في أسرة ثرية ولم تعرف الفقر ولا العوز قبل أن تقابل زوجها. كانت شخصية مستقلة وتمتلك نظرة مختلفة عن الحياة، ورغم ذلك أحبها ألفريد بشدة، حتى إنه لم يُعِر أي امرأة أخرى حاولت التقرب منه انتباها. أنجب الزوجان 4 من الأبناء معا، وأصبح اثنان منهما أطباء نفسيين فيما بعد.

لم يستمر ألفريد كثيرا طبيبا للعيون، بل اتجه إلى الممارسة العامة، وعمل بعيادة في المنطقة الشعبية بفيينا، أمام سيرك وملاهي "براتر (Prater)". من خلال فحصه لبعض المؤدّين بالسيرك، كوّن بعضا من أفكاره حول أساليب تعويض النقص التي يستخدمها مؤدّو السيرك الذين يعانون من نقص عضوي. في عام 1898، ومع استقبال طفلهما الأول، نشر ألفريد كتابه "كتاب الصحة لتجارة الخياطة (Health Book for the Tailoring Trade)"، والذي شمل بالفعل أُسس نظرياته التي طورها فيما بعد، قبل حتى أن يقابل عالم النفس الأشهر "سيجموند فرويد" ويصبح أحد تلاميذه، أو بالأحرى: أحد منافسيه في المجال.

على الرغم من أن أدلر لم يحز في ذلك الوقت على نفس شهرة قرينَيه "سيجموند فرويد (Sigmund Freud)" و"كارل يونغ (Carl Jung)"، فإنه لا يزال يعتبر أحد الآباء الثلاثة المؤسسين للعلاج النفسي الحديث. كان أدلر مهتما بـ"الوعي"، وبالإنسان ككل، بمعنى حياته واختياراته، وتأثيره على الناس، وتأثير البيئة المحيطة عليه، وبهذا كان أول من نادى بـ"المنهج الشمولي (Holistic approach)" للتعامل مع مشكلات البشر(4). في عام 1902، تلقى أدلر بطاقة بريدية تدعوه للانضمام لفرويد مع مجموعة أخرى من علماء النفس لمناقشة طرق التحليل النفسي، لتبدأ صفحة جديدة من حياته، وصراع جديد مع أفكار فرويد.

علم النفس الفردي

"قاعدة بسيطة للتعامل مع الأشخاص صعبي المراس، هو أن تتذكر أن ذلك الشخص يسعى لتأكيد تفوقه، ويجب عليك أن تتعامل معه على هذا الأساس"

 

في الوقت الذي اعتبر فيه فرويد أن أدلر أحد تلاميذه، كان أدلر يرى فرويد زميلا، أو أخا أكبر على أقصى تقدير، مُسقطا صورة أخيه الأكبر على زميله. في كل يوم أربعاء، اجتمع العلماء الخمسة لتبادل الأفكار، فيما تطور بعد ذلك إلى "جمعية فيينا للتحليل النفسي (Vienna Psychoanalytical Society)"، والتي تضاعف عدد أفرادها بحلول عام 1906. لم يستمر الأمر طويلا بالنسبة إلى أدلر، فالاختلافات الجوهرية بين أفكاره وأفكار فرويد أدت إلى رحيله عن الجمعية في عام 1911 برفقة 9 أفراد آخرين، لينشئ "جمعية علم النفس الفردي (Society for Individual Psychology)"

كان أدلر يرى أن "العصابية (Neurosis)"، وهي مصطلح يعبر عن القلق والاكتئاب عادة، تنشأ من التركيز غير الصحي على نواقص الإنسان، أو الاعتقاد الخاطئ بتفوقه على من سواه، في حين أرجع فرويد كل الأمراض النفسية إلى الدافع الجنسي لدى الفرد، وهو ما اعترض عليه أدلر بوصفه يصلح تعبيرا مجازيا وليس فعليا. بالإضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من أنه لم يكن متدينا بالضرورة، فإن أدلر كان يعتقد أن الدين مهم لإعطاء المعنى لحياة مَرْضاه، وعبّر عن ذلك قائلا: "إن أفضل مفهوم اكتُسِب حتى الآن لرفع مستوى البشرية هو فكرة وجود الله"، في حين اعتبر فرويد الأديان "حالة عصاب جماعي".

في مفهومه عن علم النفس الفردي، يعتقد أدلر أن الدافع الذي يحرك معظم البشر هو السعي وراء "التفوق (Superiority)"، ويمكن لبعض العوامل أن تقف حائلا دون هذا المسعى متسببة في الشعور بالدونية أو النقص وعدم الكفاية. حدد أدلر بعض هذه العوامل، مثل وجود عيب أو نقص جسدي، والحالة الاجتماعية المتدنية، والتدليل أو الإهمال في الطفولة. في الوقت الذي كان ألفريد ذو الأربع سنوات يرقد مريضا لا يقوى على أبسط الحركات، كان يشاهد أخاه الأكبر يركض ويلهو ويمرح بلا كلل، لا بد أن ألفريد قد شعر بالنقص والدونية بشكل بالغ في ذلك الوقت، ويمكننا رؤية تأثير ذلك على نظريته لعلم النفس الفردي.

يمكن للفرد إذا ما شعر بإحساس النقص أن يسلك أحد اتجاهين: إما أن يعمل على تعويض هذا النقص، كما فعل ألفريد نفسه، بتطوير قدراته ومهاراته، وهي الطريقة الصحية للتعامل مع المشكلة. أو أن تسيطر عقدة النقص على أفكار الفرد ومشاعره وتصبح متحكمة في تصرفاته. المحاولات المبالغ فيها للتغلب على عقدة النقص قد تنقلب إلى سعي أناني وراء السلطة، ورغبة في تعظيم الذات حتى لو كان ذلك على حساب الآخرين. إذن فالإنسان يحيا في صراع أزلي بين هربه من الشعور بالتدني، وسعيه الحثيث نحو الشعور بالتفوق، والذي أُسمي فيما بعد بمصطلح أشمل وهو "تحقيق الذات (Self Actualization)".

"لا بد أن الحرب تبدو كريهة ولا إنسانية لكل من يسلك طريق التعاون الإنساني"

بوصفه طبيبا، كان لا بد من استدعاء أدلر للحرب. وهناك وسط أهوال الحرب العالمية الأولى في عام 1914، اضطُر أدلر في الكثير من الأوقات أن يتخذ قرارات لا يرغب في اتخاذها، بإعادة الجنود إلى خنادق المعركة بمجرد قدرتهم على الحركة. كان أدلر يكره الحرب، وتمنى أن لو استطاع إعفاء كل الجنود من القتال، وظل هذا هاجسا يطارده في أحلامه وحتى ساعات يقظته بعد عودته من الحرب، حيث عاد مرارا وتكرارا لتلك اللحظات محاولا إعفاء الجنود، وسبّب له هذا الكثير من القلق، حتى إنه أجبر نفسه فيما بعد على نسيان أحلامه قبل الاستيقاظ.

شهد أدلر الصدمات النفسية للجنود تحدث أمامه في الحرب، وكان يُطلق عليها حينها "الارتجاج الدماغي (Shell Shock)"، ووضَعت محاضرات وملاحظات أدلر عن "عصاب الحرب (War Neurosis)" الأساس الذي بُني عليه تشخيص "اضطراب ما بعد الصدمة (Post Traumatic Stress Disorder)" فيما بعد، وهو الاضطراب الذي يُصيب الإنسان بعد التعرض لصدمة شديدة مثل الحروب والكوارث الطبيعية وحوادث الاعتداء، وتؤثر على مزاجه وذاكرته وقدرته على ممارسة حياته بشكل طبيعي. وعلى الرغم من كثافة الحالات التي شهِدها، فإن ظروف الحرب وضغط العمل منعاه من أخذ الملاحظات وإعطاء الأمر الاهتمام العلمي الأمثل مع الأسف.

الطفل الأوسط

أثرت نشأة أدلر بشكل كبير على أفكاره عن تكوين شخصية الطفل فيما بعد، ووضع نظرية "ترتيب الميلاد"، والتي يعدها العلماء الآن غير صحيحة من ناحية علمية، ويرى أدلر أن ترتيب الطفل بين إخوته له تأثير على تطور شخصيته بشكل معين. الطفل الأول، والذي يتمثل لدى أدلر في هيئة أخيه الأكبر، ينال اهتمام أبويه الكامل لفترة لا بأس لها من الوقت، عادة ما يكون طموحا ومتحفزا أكثر نحو الإنجازات، كما أنه يكون مطيعا لوالديه وتتماشى أفكاره واتجاهاته مع أفكارهما، ولكنه يشعر بالتهديد عند ولادة الطفل الثاني كأنما انتُزِع العرش منه.

لا عجب في ذلك، فبعد أن كان الطفل الوحيد والذي ينال كل الاهتمام من والديه، أصبح هناك طفل آخر يقاسمه الاهتمام والحب والرعاية. غالبا ما يتحمل الطفل الأول مسؤولية أن يكون نموذجا يُحتذى به لإخوته الأصغر، ويتوقع منه والداه الكثير، وربما يربيانه بصرامة أكثر من إخوته. ربما يدفعه هذا ليصبح قائدا في المستقبل، ويتولى زمام الأمور على الدوام، ويضعه في الوقت نفسه تحت ضغط هائل.

أما الطفل الأوسط، والذي يمثله ألفريد نفسه -إذ كان الطفل الثاني بين 7 من الإخوة والأخوات- فتختلف شخصيته بشكل واضح، فهو ثائر، ويحب تحدي السلطة المتمثلة في قواعد البيت أو المدرسة. بالإضافة إلى ذلك، فإن الطفل الأوسط يمتلك مهارات تفاوض جيدة تسمح له بفض النزاعات داخل العائلة بثقة، ويمتلك ثباتا انفعاليا عاليا، ويعد "حمامة السلام" في المنزل. ربما يعود هذا إلى محاولاته لخلق دور له في العائلة، لأن دور الأخ الأكبر والأخ الأصغر مشغولان بالفعل. هو أيضا محب للتحدي، إذ يحاول أن يجاري إخوته الكبار، وفي الوقت نفسه يتحاشى المساواة بإخوته الأصغر، وعلى الرغم من ذلك، فإنه يصاب بالإحباط بسهولة.

بالنسبة إلى الأخ الأصغر، فيرى أدلر أنه يكون مدللا، غير مسؤول ومعتمدا على من حوله، ولكنه اجتماعي النزعة، ينجح في جذب الانتباه، ويمكنه التلاعب بالناس لدفعهم لفعل ما يريد. ينال الطفل الأصغر أيضا قدرا أكبر من الحرية عندما يصبح الوالدان أقل صرامة في تطبيق قواعد المنزل؛ ما يمنحه المساحة للإبداع والانطلاق. قد ينتهي به الحال لإحدى مآلَين: إما أن ينجح بشكل باهر في حياته ويصبح نجم العائلة، وإما أن يفتقد الثقة اللازمة للنجاح ويصبح انعزاليا غير راغب في التفوق.

يرى أدلر كذلك أن الطفل الوحيد، الذي لا إخوة له، يتعامل معظم الوقت مع البالغين، يقلدهم ويتصرف مثلهم ويتحول إلى "رجل صغير". يتسم هذا الطفل بالمسؤولية وحب القيادة، والاعتماد على الذات، ولكن ربما يشعر بالاستحقاق أكثر قليلا مما يجب. قد يبالغ الأبوان في حمايته وتدليله وتوفير كل طلباته؛ ما يجعل رفض طلباته من المجتمع أمرا لا يُحتمل بالنسبة إليه، بالإضافة إلى رفضه مشاركة أي من ممتلكاته مع الآخرين. رغم كل هذا، قد يوفر له هذا الاهتمام فرصة للإبداع وتنمية الذكاء، ولكن دون مرونة(5).

"الموت نعمة عظيمة للإنسانية حقا، فبدونه لن يكون هناك تقدم حقيقي. لو عاش الناس للأبد، فلن يعيقوا الشباب ويثبطوا عزيمتهم فحسب، بل سيفتقرون هم أنفسهم إلى الحافز الكافي للإبداع"

بعد الحرب، انصب تركيز أدلر على تطوير نظريته، وفي تلك الفترة صدر كتاب "معنى الحياة"، وفي الجزء الأول منه يقول إن كلّا منا يمكن أن يجد معنى ورضا في حياته إذا كان راضيا في 3 نطاقات: الأول هو العلاقة المنتظمة والمزدهرة مع الجنس الآخر. والثاني هو العمل، أي أن يمارس الشخص عملا يرضاه ويحبه ويرى فيه نتائج مرضية. والثالث هو مساعدة المجتمع، أي أن يقدم الواحد منا خدمة ولو بسيطة للمجتمع من حوله.

انشغل أدلر بعد ذلك في إلقاء محاضرات علم النفس في معهد الشعب في فيينا، وأنشأ عدة عيادات لإرشاد الأطفال، حيث طبق مبادئ علم النفس الفردي لحل مشكلات الأطفال، وأصبح المعلمون لاحقا يلجؤون إليه للنصح حول كيفية التصرف مع الأطفال في المدارس، ومثلت هذه العيادات النواة التي نشأ منها "العلاج العائلي (Family Therapy)" لاحقا. بحلول عام 1935، وبعد أن أمضى أدلر عدة سنوات في إلقاء محاضراته في أرجاء العالم، استقر مع عائلته أخيرا في الولايات المتحدة، هربا من الفاشية في النمسا في ذلك الوقت.

وفي مثل هذا اليوم، 28 مايو/أيار عام 1937، وأثناء جولة أوروبية لإلقاء المحاضرات، تخلى قلب ألفريد عنه، وعانى من أزمة قلبية أثناء تنزّهه في أبردين بإسكتلندا قبل إحدى محاضراته.

كان أدلر حالما، يريد الخير للبشرية جمعاء، ويحلم أن يتعاون البشر ويحبوا بعضهم بعضا ويتوقفوا عن الحروب والقتل والدمار، وحتى لو لم ينجح في تغيير العالم كما كان يحلم، إلا أنه ترك بصمة لا تُمحى في الوعي البشري الجمعي، وأسّس لعدة نظريات ما زال بعضها ناجحا حتى وقتنا هذا، ورحل عن الدنيا بقلب طيب ربما لم يتحمل كل قسوة العالم فانكسر.

_________________________________________

المصادر:

  1. Biography of Alfred Adler – ISIP
  2. Alfred Adler; a portrait from life. By Phyllis Bottome
  3. Alfred Adler – A Psychology of Change
  4. Alfred Adler | Austrian psychiatrist | Britannica
  5. What to Know About Birth Order.

 

المصدر : الجزيرة