شعار قسم ميدان

دليلك لتناول طعام صحي دون أن تنهار ميزانيتك

إذا كنت قد ذهبت إلى المتجر مؤخرا، فربما لاحظت ارتفاع أسعار السلع وخاصة الغذائية منها، مما يؤثر على قيمة فاتورتك النهائية ويجعلها موجعة للقلب والجيب. وسواء كنت تعيش وحيدا، أو كنت مسؤولا عن أسرة، فإن ذلك في بعض الأحيان قد يدفعك دفعا إلى شراء طعام أرخص، وهنا ربما تظن أن ذلك يعني شراء طعام غير صحي. (1)

هناك اعتقاد شائع أن الطعام الصحي غالبا ما يكون أكثر تكلفة، وربما يعود ذلك لارتباط الكثير من اختيارات الطعام التي تحمل ملصقات مثل "عضوية" أو "صحية" بأسعار مرتفعة. لكن في الواقع، سواء اخترت شراء الفاكهة عضوية أو مجمدة أو عادية، فستحصل على فوائد غذائية متقاربة. عادة ما تزيد تكلفة الأغذية العضوية بأكثر من 50% من تكلفة نظيرتها من الأغذية غير العضوية، لكن في الواقع فإن الملصقات العضوية في كثير من الأحيان ترتبط بدعايات زائفة لا قيمة لها سوى دفع المستهلك لإنفاق المزيد من الأموال.

في دراسة نُشرت عام 2012 وقام بها باحثون في مركز جامعة ستانفورد للسياسة الصحية، بدأ الفريق بتجميع وتحليل بيانات من 237 دراسة لتحديد ما إذا كانت الأطعمة العضوية أكثر أمانا أو صحة من الأطعمة غير العضوية. وقد خلصوا إلى أن الفواكه والخضراوات التي تفي بمعايير "العضوية" لم تكن في المتوسط ​​مغذية أكثر من نظيراتها غير العضوية والأرخص ثمنا، كما أنها لم تكن أقل عُرضة للتلوث بالبكتيريا المسببة للأمراض مثل السالمونيلا. علاوة على ذلك، بسبب انخفاض محاصيلها، فإن الزراعة العضوية تهدر المياه والأراضي الصالحة للزراعة. (2)

وطبقا لتصريح وزير الزراعة الأميركي السابق دان جليكمان فإن الملصق العضوي "هو مجرد أداة للتسويق، وليس بيانا حول سلامة الغذاء. كما أن كون المنتج عضويا لا يُمثِّل حكما ذا قيمة حول قيمته الغذائية أو جودته". (3) لذلك إذا كانت ميزانيتك محدودة فننصحك ألا تقع في فخ دعايات الطعام العضوي، وأن تتجاهل هذا القسم في المتجر.

كيف يمكنك إعداد طعامك الصحي دون أن تنفق راتبك بالكامل؟

(بيكسابي)

والآن لنترك الدراسات ونبدأ بالنصائح العملية، يُعَدُّ التخطيط المسبق للوجبات مفتاحا أساسيا فيما يتعلق بتنظيم ميزانية طعامك، ويؤدي التخطيط الجيد والمحكم إلى أن تشتري ما تحتاج إليه وتستخدمه بالكامل دون أن يفسد، مما يجنبك الهدر.

قبل البدء في عملية التخطيط، جهِّز قائمة كبيرة رئيسية للوجبات التي تستمتع بها أسرتك، وتلك التي ترغب في تجربتها، ابحث عن أفكار للوجبات الصحية والاقتصادية سواء على الإنترنت أو في كتب الطهي، ومن خلال هذه الأفكار بإمكانك استلهام خطة لقائمة وجباتك، بحيث تتكوَّن لديك قائمة مرجعية تستطيع العودة إليها أسبوعيا كي تخطط وجباتك. في بداية كل أسبوع خصِّص يوما لفحص الثلاجة والمبرد وخزائن المطبخ لمعرفة ما لديك بالفعل من مكونات يمكنك استخدامها خلال الأسبوع، كي لا يفسد الطعام الذي لديك بالفعل أو تنتهي صلاحيته.

الخطوة التالية هي تجهيز قائمة وجباتك للأسبوع، واحرص على أن تضم هذه القائمة الوجبات الرئيسية الثلاث بالإضافة إلى الوجبات الخفيفة، وذلك كي تتمكَّن من شراء احتياجاتك كلها وتتجنب مشاوير الشراء اليومية المتكررة. بعد ذلك قم بإعداد قائمة تشمل ما ينقصك من أصناف، واحرص على كتابة الكميات التي تحتاج إليها. على سبيل المثال إذا كنت تنوي إعداد سلطة تحتوي على الجرجير في يوم واحد خلال الأسبوع، فلا داعي لشراء كميات أكبر منه كي لا تفسد بنهاية الأسبوع وتضطر للتخلص منها.

قبل الذهاب إلى السوق احرص على تناول وجبة مشبعة، فالذهاب لشراء الطعام بمعدة فارغة يدفعك إلى المزيد من قرارات الشراء الاندفاعية وغير المحسوبة، وقد تلجأ لشراء أطعمة مصنعة وسريعة لسد جوعك، وهي في الغالب خيارات غير صحية، كما أنها ستُشكِّل عبئا على ميزانيتك المسكينة. احرص على الالتزام بما جاء في قائمتك دون أن تتخطاه مهما كانت المغريات، ولا تنسَ أن تنظر إلى الأرفف العلوية والسفلية، فعادة ما تحرص المتاجر على وضع السلع الأعلى سعرا في الأرفف الموجودة في مستوى نظر عملائها.

كذلك تجنَّب شراء الأطعمة المصنعة مثل الأطعمة الجاهزة والحلويات والعصائر المعبأة، فبالإضافة إلى افتقارها إلى الفائدة الغذائية واحتوائها على نِسَب عالية من مواد مثل الصوديوم والسكر فهي أيضا مرتفعة التكلفة. وعند شراء الخضراوات والفواكه احرص على شرائها في مواسمها، حيث يكون سعرها أقل، كما أنها تكون في أفضل حالاتها حيث النكهة والعناصر الغذائية، بإمكانك أيضا الشراء بكميات كبيرة لتخزينها وحفظها بالطريقة المناسبة وتجميدها. احرص أيضا على شراء الخضراوات والفواكه من المزارعين والأسواق المحلية بدلا من الأسواق أو المتاجر الكبرى. لا تتخيل مقدار النقود التي ستوفرها خطوة مثل تلك.

كما يمكنك أن تتسوق لطعامك عبر الإنترنت، قد تعتقد أن التسوق للطعام عبر الإنترنت أكثر كلفة، لكنه يمكن أن يوفر الكثير من المال، فكِّر في كل الأصناف غير الضرورية التي تجد نفسك قد اشتريتها عند الذهاب إلى المتجر في الواقع. كما أن الكثير من المواقع تقدم أكوادا للخصومات ويمكنك استخدامها لتوفير قدر كبير من المال.

دليلك للتعامل مع العروض

(بيكسابي)

عادة ما تقدم المتاجر الكبرى عروضا مميزة تُغرينا بالشراء، لكننا كثيرا ما نكتشف فيما بعد أننا وقعنا في الفخ، وأن هذه العروض لم تكن مناسبة. لذلك ننصحك بالتفكير جيدا قبل الاندفاع لشراء العروض، على سبيل المثال اشترِ السلع التي لا تتعرض للتلف السريع بكميات أكبر في العروض، مثل الأرز والدقيق والسكر والزيت والحبوب.

احرص أيضا على التأكد من تواريخ الصلاحية، حيث تضع بعض المتاجر عروض تخفيض كبيرة على السلع التي قاربت صلاحيتها على الانتهاء. تأكد من عدم شراء كميات أكبر من استخدامك من هذه الأصناف كي لا تفسد قبل استخدامها.

وبالإضافة إلى العروض يمكن أن يوفر لك شراء السلع غير المعبأة الكثير من المال، مثل التوابل والأرز والمعكرونة. هذا الخيار عادة ما يكون أقل سعرا من السلع المعبأة التي تحمل علامة تجارية عليها، كما أنه يتيح لك شراء الكميات التي تحتاج إليها بالضبط وبلا فائض. لكن تأكد من تخزين ما اشتريته جيدا في حاويات نظيفة محكمة الإغلاق عند العودة إلى منزلك.

خزِّن طعامك جيدا وتجنَّب الهدر

يُقدَّر حجم الهدر العالمي في الطعام بما يقرب من 1.3 مليار طن من الغذاء كل عام، وهو ما يكفي لإطعام 821 مليون شخص من المتضررين من المجاعات أربع مرات. كما يكلف هذا الهدر الاقتصاد العالمي نحو 2.6 تريليون دولار أميركي، ويُمثِّل 8% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية.

يساعدك تخزين الطعام جيدا على تجنُّب فساده، وبالتالي تقليل هدر الطعام، لكن احرص على غسل الخضراوات الورقية ثم تجفيفها من الماء وحفظها ملفوفة في أقمشة قطنية أو محارم ورقية داخل الثلاجة، كي تحافظ عليها طازجة لأطول وقت ممكن. بعض الفواكه تُنتج غاز الإيثيلين أثناء نضجها مما يفسد ما يجاورها من منتجات، لذا احرص على فصل الفواكه عن الخضراوات. وبشكل خاص، احرص على تخزين الثوم والبطاطس والبصل في أماكن باردة، جافة مظلمة، وجيدة التهوية.

تجنَّب إهدار بقايا الطعام، يمكنك دائما إعادة استخدام الطعام المتبقي في أطباق جديدة، على سبيل المثال بقايا اللحوم والدجاج بإمكانك استخدامها لصنع حساء أو سلطة أو حشوات الفطائر والبيتزا. كذلك الأرز بإمكانك إضافة الخضراوات له لإعداد طبق جديد، أو إضافة السكر والحليب لإعداد حلوى الأرز بالحليب، أما بقايا الخبز فيمكنك تحميصها وإعادة تناولها بجانب الحساء. كذلك تُعَدُّ طرق التخليل والتجفيف وصنع المربى من فوائض الخضراوات والفواكه الموسمية واحدة من أقدم طرق حفظ الطعام التي استخدمتها جداتنا.

تجنب تناول الطعام في الخارج

احرص على طهي كميات كبيرة من الطعام، يمكن أن يوفر لك طهي كمية مضاعفة من الطعام الكثير من المال، عن طريق التوفير في الطاقة، وأيضا المكونات. (شترستوك)

عموما، الطهي في المنزل تكلفته دائما أقل كثيرا من تناول الطعام في الخارج، وعادة ما يوفر خيارات صحية أكثر. إذا كان جدولك الأسبوعي مزدحما، فمن الممكن أن تطهو وجبات الأسبوع كاملة أو تجهزها في عطلة نهاية الأسبوع، أو حتى تجهيزها بحيث لا تحتاج إلا إلى الخطوات الأخيرة في عملية الطهي. كما يمكنك طهي وجبة اليوم التالي في المساء، هذا التوفير في الوقت يضمن لك دائما وجود خيارات صحية في متناول يدك، كي لا تلجأ للحل السهل عندما تجوع وتتصل بخدمة توصيل الطعام السريع.

كذلك احرص على طهي كميات كبيرة من الطعام، يمكن أن يوفر لك طهي كمية مضاعفة من الطعام الكثير من المال، عن طريق التوفير في الطاقة، وأيضا المكونات. على سبيل المثال، قم بطهي ضِعْف كمية الوجبة، جزء لليوم والجزء الآخر خزِّنه في المجمد لليوم التالي أو حتى للأسبوع التالي، سيساعدك ذلك خاصة في الأيام التي تنشغل فيها كي لا تضطر لشراء الطعام من الخارج.

اللحوم والبروتين.. وحش الميزانية الشرير

(شترستوك)

عادة ما تكون اللحوم والدجاج والأسماك من المكونات باهظة الثمن، لكن بإمكانك التوفير في الميزانية المخصصة لها، على سبيل المثال يمكنك اختيار أنواع وقطع اللحوم الأقل سعرا، أو اللحم المفروم الذي يحتوي على نسبة أكبر من الدهون، بإمكانك طهيه دون إضافة دهون ثم تصفيته من الدهون التي تخرج منه على النار.

كذلك الدجاج، القطع التي تحتوي على العظام والجلد عادة ما تكون أقل سعرا من تلك المخلية، لكن احرص على إزالة الجلد قبل الطهي لاحتوائه على دهون مشبعة. إذا كنت تعيش في مدينة ساحلية مثلا فبإمكانك الاعتماد على الأسماك والأطعمة البحرية المحلية الأقل سعرا، خاصة في مواسم صيدها. يمكنك أيضا استبدال اللحوم بمصادر البروتين الأخرى مرتين على الأقل أسبوعيا، مثل البيض أو الأسماك المعلبة أو البقوليات كالفاصوليا أو العدس، وكذلك فول الصويا. (4)

وعند شراء اللحوم والدواجن بكمية كبيرة للتخزين، احرص على تنظيفها وتتبيلها باستخدام تتبيلات متنوعة، ثم قسِّمها وجهِّزها في حصص وأحجام مناسبة لوجباتك بحسب عدد أفراد الأسرة، وبهذا سوف توفر الكثير من الوقت والجهد والطاقة. (5)

ماذا عن الوجبات الخفيفة؟

(شترستوك)

إن وجود وجبات خفيفة متاحة وسهلة الإعداد يُجنِّبك شعور الجوع الذي قد يدفعك إلى خيارات طعام أقل صحية، من بين أمثلة الوجبات الصحية الخفيفة الزبادي قليل الدسم، والمكسرات، لكن يمكنك استبدال المكسرات مرتفعة التكلفة بالفول السوداني وبذور اليقطين وعباد الشمس التي عادة ما تكون أقل تكلفة، واحرص على أن تكون غير مملحة.

كذلك بإمكانك تناول الفواكه أو الخضراوات الطازجة، أو إعداد سلطة خفيفة من بقايا وجبة الغداء. كما يمكنك تناول الفشار أو البطاطا الحلوة. وبالطبع امتنع عن تناول أو شراء الصودا والعصائر المحلاة، فهي تزيد من وزنك وتقلل من نقودك.

التوفير أثناء الطهي

أضف إلى ذلك أن بعض طرق الطهي قد تساعدك في توفير كلٍّ من المكونات والطاقة والوقت أيضا. على سبيل المثال، عند استخدامك لإناء الضغط تتمكن من طهي طعامك في وقت أقل، وهو ما يعني استخداما أقل للغاز. كذلك المقلاة الكهربائية رغم أنها تستخدم الكهرباء فإنها توفر الكثير جدا فيما يخص زيت القلي، كما أنها بالتأكيد تقدم لك أطعمة صحية أكثر من تلك المقلية بالطريقة التقليدية.

كذلك عندما تستخدم الفرن لطهي الطعام يمكنك وضع أكثر من صنف في الوقت نفسه إذا كانت مساحة الفرن تسمح بذلك، باستثناء الأطعمة التي تحتاج إلى درجة حرارة دقيقة مثل المخبوزات والكعك على سبيل المثال. أما عند استخدام الموقد العلوي فننصحك باستخدام قدور أصغر حجما كي تقلل من كمية الطاقة التي تستخدمها. (6)

________________________________________

المصادر:

 

المصدر : الجزيرة