شعار قسم ميدان

الأكثر مشاهدة في 80 دولة.. لماذا جذب مسلسل "وينزداي" اهتمام الملايين حول العالم؟

على مدار أكثر من أربعة أسابيع منذ بدأ بثه في الثالث والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي وحتى وقت كتابة هذه السطور، لا يزال الموسم الأول من مسلسل "وينزداي" (WEDNESDAY) يحتل المركز الأول في قائمة أكثر المسلسلات مشاهدة على شبكة "نتفليكس"، وذلك بعدما حقق رقما قياسيا في الأسبوع الأول لعرضه مسجلا أكثر من 341 مليون ساعة مشاهدة، ومحتلا المركز الأول في قوائم المشاهدة في أكثر من 80 دولة حول العالم، على الرغم من تزامن عرضه مع بطولة كأس العالم 2022 المقامة في قطر. (1)

لم يقتصر الأمر على أرقام المشاهدات فقط، فعلى مختلف منصات وسائل التواصل الاجتماعي بدا وكأن حمى "وينزداي" قد أصابت الجميع، وقد ظهرت ملايين الفيديوهات على منصة تيكتوك لأشخاص يحاكون الرقصة الشهيرة التي أدتها بطلة المسلسل، وانتشرت على إنستغرام صور الفتيات يتأنقن في ثياب أنيقة سوداء، ومكياج قاتم الألوان وضفيرتين من الشعر الأسود، مُستلهمات من العالَم "القوطي" المميز للمسلسل.

عائلة آدمز

ظهر هذا العالم القوطي للمرة الأولى عام 1938 على يد رسام الكرتون الشهير تشارلز آدمز الذي قدم عائلة آدامز على صفحات مجلة "نيويوركر" لمدة 50 عاما، وفي سبتمبر/أيلول عام 1964 ظهر أول مسلسل تلفزيوني مستوحى من رسوم تشارلز آدمز، لتحمل شخصيات القصة أسماء للمرة الأولى. ومنذ ذلك الحين ظهرت العائلة في عدد كبير من الأفلام والمسلسلات والرسوم المتحركة والمسرحيات الموسيقية بل وحتى ألعاب الفيديو، آخرها شخصية "وينزداي" الابنة الكبرى لعائلة آدمز التي أحيتها "نتفليكس" في مسلسل يحمل بصمة المخرج الشهير تيم بورتون.

عبر ثماني حلقات حافلة بالإثارة والتشويق يتتبع المسلسل ابنة عائلة آدامز الكبرى "وينزداي" وقد أصبحت في سن المراهقة، شخصية مستقلة غريبة الأطوار وذات مزاج سوداوي، تُلحِقها عائلتها بأكاديمية "نيفر مور"، وهي الأكاديمية نفسها التي ارتادها والداها، مورتيسيا (كاترين زيتا جونز) وجوميز (لويس جوزمان)، على أمل أن تتمكن وينزداي من الانخراط والاندماج في مجتمع التلاميذ (المنبوذين) كما أطلق عليهم المسلسل من المستذئبين ومصاصي الدماء والغرغونات، وغيرهم من ذوي القدرات الخارقة، بإدارة المديرة لاريسا ويمس (جويندولين كريستي).

لكن على عكس المتوقع، تتمكَّن وينزداي من الاحتفاظ بعزلتها حتى بين المنبوذين، رغم المحاولات المستمرة من شريكتها في الغرفة إينيد، التي تُمثِّل نقيضا حادا لشخصية وينزداي بروحها المرحة وألوانها المبهجة وعواطفها المفرطة.

سرعان ما تتورط وينزداي في محاولة حل جريمة قتل غامضة يقع ضحيتها أحد تلاميذ المدرسة، وتشتبك مع العديد من الألغاز المعقدة التي تكشفها الأحداث والرؤى الغامضة التي تنتاب وينزداي ولا تتمكن من التحكم بها، لتواجه العديد من التساؤلات المتشابكة حول تاريخ عائلتها، وتاريخ الأكاديمية والبلدة، وعلاقة كلٍّ من جودي آدامز إحدى أسلاف وينزداي القدامى بكراكستون واحد من مؤسسي البلدة العنصريين. وعبر الحلقات تتكشف القرائن المختلفة التي تلقي بالشبهات حول الجميع بداية من زملاء دراسة وينزداي وحتى الطبيبة النفسية التي تُجبر على زيارتها.

عزاء للخارجين عن القطيع

(مواقع التواصل الاجتماعي)

لطالما كانت عائلة آدامز بمزاجها القوطي وحس الدعابة السوداوي الخاص بها واحدة من أشهر العائلات في ثقافة البوب الشعبية الأميركية، لكن النجاح الاستثنائي لنسخة "نتفليكس" يجعلنا نتساءل حول السر خلفه. ربما أحد الأسباب هو الأداء الاستثنائي المميز لجينا أورتيجا، صاحبة شخصية وينزداي، فرغم ما تُبديه من أنانية وقسوة، فلا يمكننا تجاهل أن ما يحركها حقا هو السعي خلف الحقيقة، ومحاولتها تحقيق نوع من العدالة والانتقام الشعري.

فرغم عائلتها التي لا تشبه أي عائلة أخرى، وقدراتها السحرية ورؤاها الغامضة، لا يمكننا إنكار أن وينزداي تعكس على الشاشة مشاعر هؤلاء الذين يشعرون بالغربة بين الآخرين، الذين لا يتمكنون من الانتماء، المتمردين على القطيع والخارجين عن المألوف، والمكافحين للخروج من عباءة العائلة كي يستقلوا بشخصياتهم. تداعب الشخصية مشاعر هؤلاء الذين تجذبهم أفكار مختلفة عن أقرانهم، ممن لا يتمكنون من الانتماء إلى المجموعات، تُقدِّم وينزداي العزاء والراحة، وتشبع حاجتنا إلى رؤية فتاة قوية مستقلة تتمتع بغرابة أطوارها دون أن تقلق من أحكام الآخرين، وترفض أن تتغير سعيا وراء إرضائهم، بل هي على العكس تستمتع بإزعاج الآخرين، والإعلان عن غرابتها وانعزالها، وتمنحنا في الوقت نفسه الشجاعة للإعلان عن أنفسنا وآرائنا المختلفة دون قلق.

بصمة تيم بورتون

كعادة بورتون ينتصر في أعماله للمنبوذين وغرباء الأطوار، وقد ذكر في أحد الحوارات أنه استطاع أن يتعاطف بسهولة مع شخصية وينزداي التي مثَّلت بالنسبة له "المنبوذ المطلق"> (غيتي)

لا يسعنا كذلك تجاهل التأثير الذي يجلبه اسم تيم بورتون، الذي يُعَدُّ ضمانا كافيا لجذب الكثير من محبي أعماله لمشاهدة المسلسل، بعدما تمكَّن من حفر اسمه واحدا من أهم مخرجي السينما والفانتازيا عبر مجموعة من الأعمال الأيقونية الخالدة عبر مسيرته الطويلة، ورغم تسويق المسلسل على "نتفليكس" باعتباره من إخراج تيم بورتون، فإنه أخرج فقط نصف الحلقات (أربع حلقات من أصل ثماني حلقات)، بينما تقاسم إخراج الحلقات الأربعة المتبقية كلٌّ من جانجا مونتيرو وجيمس مارشال، لكن بصمة تيم بورتون تظل واضحة على المسلسل بأكمله.

كعادة بورتون ينتصر في أعماله للمنبوذين وغرباء الأطوار، وقد ذكر في أحد الحوارات أنه استطاع أن يتعاطف بسهولة مع شخصية وينزداي التي مثَّلت بالنسبة له "المنبوذ المطلق". وكطفل اعتاد على اللعب في المقابر المجاورة لمنزله، وعشق مشاهدة أفلام الرعب، تمكَّن بورتون من استشعار هذه المساحة المشتركة مع وينزداي، وتمكَّن من استحضار الشخصية على الشاشة، بالإضافة إلى طابع العمارة القوطي الذي يحبه بورتون والمسيطر على أكاديمية "نيفر مور".

"كليشيهات" المراهقة المضمونة

(مواقع التواصل الاجتماعي)

لدينا هنا أيضا خليط مميز من "الكليشيهات" التي تظهر عادة في الأعمال الفنية التي تتناول فترة المراهقة أو ما يمكننا أن نطلق عليه "دراما المرحلة الثانوية" (Highschool drama). لدينا علاقات الصداقة، وعلاقات الحب التنافسية، الطالب محب العلم غريب الأطوار الوحيد أو النيرد (يوجين)، لدينا الطالبة المغرورة المميزة التي تجمَّع حولها الأتباع المخلصون (بيانكا). ولدينا أيضا بلدة صغيرة متورطة في جرائم قتل، وعمدة غامض مشتبه باستغلاله لسلطته، كما يستغل المسلسل مختلف الاستعارات الكلاسيكية لهذا النوع من الدراما لتطوير الأحداث والتعرف على الشخصيات، فنرى الجولة التي تقدمها إينيد لوينزداي ومن خلالها نتعرف على المجموعات أو "الشلل" في المدرسة. هناك أيضا حدث رياضي مهم تتغير على أساسه موازين القوى، ويُذكِّرنا على الفور ببطولات الكويدتش في سلسلة أفلام هاري بوتر. لدينا كذلك حفلة مدرسية راقصة، وأخوية سرية للطلاب، بل وحتى شرارات الإعجاب والحب والغيرة بين وينزداي وزميل دراستها إكزافيير وتايلور ابن مأمور البلدة، حيث يقع كلاهما في حبها. (2)

بجانب ذلك، حملت سمات دراما المراهقة المسلسل إلى منطقة مختلفة عن كل الأعمال السابقة التي تناولت عائلة آدمز، فهو من ناحية يتبع الابنة وينزداي في طور المراهقة لا الطفولة، مستكشفا أبعاد شخصيتها وتطورها بينما تتراجع العائلة إلى الخلفية ولا يظهر بقية أفرادها إلا في مشاهد قليلة معدودة. ومن ناحية أخرى فقد أحاط المسلسل وينزداي بمجتمع من غريبي الأطوار وذوي القدرات الخارقة للطبيعة، ليبدو الأشخاص العاديون هنا وكأنهم هم الدخلاء على عالمها، بل ونكتشف بمرور الوقت أنهم هم مصدر الخطر. بينما اعتمدت كل الأعمال السابقة تقريبا على المفارقات الناتجة عن وجود عائلة آدامز كغرباء في عالم لا يوجد به سوى العاديين. وبالتالي فرغم كونه يحمل الملامح المعتادة لدراما المراهقين، فقد تم تقديم الشخصيات في إطار بناء درامي مميز، يسمح لها بالتطور والنمو، ويسمح لمساحات مختلفة من المشاعر بالظهور.

(مواقع التواصل الاجتماعي)

وقد نجح فريق الإخراج في اختيار وإدارة الممثلين، لنشاهد من بعضهم أداء استثنائيا، وعلى رأسهم تأتي جويندولين كريستي التي قدمت دور مديرة المدرسة، وكريستينا ريتشي التي أدت دور مارلين ثورنهيل المعلمة الداعمة والشخص العادي الوحيد في مجتمع المدرسة التي اتضح بعدها أنها أكثر من مجرد شخص عادي. الطريف أن كريستينا ريتشي سبق أن أدت دور وينزداي في طفولتها في فيلم "عائلة آدمز" الذي عُرض عام 1991، وحققت نجاحا كبيرا لتصبح علامة مميزة في مسيرة تطور شخصية وينزداي في الأعمال التالية التي تناولت العائلة، وبالإضافة إلى أدائها المميز لدورها هنا فقد بدا وجودها في المسلسل وكأنها تسلم راية الشخصية إلى جينا أورتيجا.

الخروج من عباءة الأهل

بيانكا هي أيضا نموذج للمراهِقة المتمردة على حياة أمها وعلى كينونتها الموروثة منها. (مواقع التواصل الاجتماعي)

وبالحديث عن المراهقة فقد رأينا العديد من التنويعات في المسلسل حول تعقيدات علاقة الأبناء بالآباء والأمهات في فترة المراهقة. منذ الحلقة الأولى تظهر لنا ملامح العلاقة المضطربة والمعقدة بين وينزداي وأمها مورتيسيا، المرأة الحسية المثيرة التي تطفح ثقة بالنفس، في مقابل ابنتها الانطوائية المستقلة، التي تسعى بكامل جهدها للهرب من العيش في ظل والدتها.

بيانكا هي أيضا نموذج للمراهِقة المتمردة على حياة أمها وعلى كينونتها الموروثة منها، حيث ترفض استغلال قدراتها الخارقة بطرق غير شرعية كما تفعل أمها، وتحاول أن تخلق لنفسها هوية جديدة ومختلفة. إينيد أيضا رغم رقتها، وهشاشتها الظاهرية تعاني من توتر علاقتها بأمها نتيجة لانتقاداتها المستمرة، ورؤيتها لابنتها كخيبة أمل ضخمة بسبب طبيعتها المختلفة. وفي الوقت نفسه، تعاني إينيد من انسحاب أبيها تماما، حتى إنه عند زيارته لها لم ينطق إلا بعبارة واحدة.

وفي المقابل، نرى كيف تَرِث لوريل العبء الثقيل لعائلتها، وهو عبء لا يقتصر على الانتقام لأسرتها وشقيقها لكنه يمتد أيضا لأسلافها عبر قرون عديدة. لدينا أيضا علاقة تايلور بوالده، وغياب أمه الغامض، وعلاقة إكزافيير بوالده الثري والشهير والغائب عن حياته. لكن على عكس الشخصيات النسائية لم يعمق المسلسل خطوط العلاقة الأبوية لدى هذين الأخيرين، واختار لهما أن ينشغلا فقط بمثلث الحب الذي وقعا فيه مع وينزداي.

صيحة الموضة القادمة

أزياء مسلسل "وينزداي" جاءت بتوقيع كولين أتوود، واحدة من أشهر مصممات الأزياء في هوليوود، وقد سبق أن فازت بأربع جوائز أوسكار. (رويترز)

لا عجب إذن أن نجاح المسلسل تجاوز نِسَب المشاهدات المرتفعة إلى التأثير في حياة المراهقين فعليا. ببحث سريع على وسائل التواصل الاجتماعي سوف تكتشف كيف تحول مظهر وينزداي إلى أيقونة من أيقونات الموضة والأزياء، وسوف تجد ملايين الصور لأشخاص يحاولون تقليد مظهرها المميز، الذي يطغى عليه اللون الأسود. يصبح ذلك مبررا أكثر حين نعرف أن أزياء المسلسل جاءت بتوقيع كولين أتوود، واحدة من أشهر مصممات الأزياء في هوليوود، وقد سبق أن فازت بأربع جوائز أوسكار، ورُشِّحت لعشرات الجوائز الأخرى، كما أنها عملت لفترة طويلة مع تيم بورتون، ولعل أشهر أعمالها كانت الأزياء في فيلم بورتون الشهير "weeney Todd: The Demon Barber of Fleet Street".

تمكَّنت كولين أتوود من جلب أسلوبها الفريد إلى عالم المسلسل. تبدأ الحلقة الأولى مع وينزداي في مظهرها الأيقوني المعتاد بالزي الأسود ذي الياقة البيضاء، ثم تتوالى الأزياء المميزة ولعل أبرزها مظهرها الأيقوني في الحفل، بفستانها القوطي الأنيق، وكذلك زيها المدرسي الذي اختارت له اللون الأسود لتبقى فريدة بين زملائها الذين يرتدون زيا موحدا باللون الأرجواني، لأن وينزداي كما سنعرف مصابة بأغرب حساسية يمكن أن تتخيلها، حساسية من الألوان!

كل تفصيلة هنا مُعتنى بها جيدا، فرغم سيطرة اللون الأسود على ملابس الشخصية الرئيسية، فإن مصممة الأزياء تمكَّنت من تقديم صورة بصرية شديدة الأناقة، سواء في ملابس وينزداي، أو تصفيفة شعرها التي دارت في إطار الضفيرتين، أو تسريحة الشعر المرفوع في مشهد الحفل، وكذلك الأحذية الرائعة. وسرعان ما أصبح مظهر وينزداي رائجا للغاية بين المراهقين، ورأينا العديد من محاولات تقليده على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.

(مواقع التواصل الاجتماعي)

جاءت ملابس بقية الشخصيات أيضا مميزة، لعل أبرزها إينيد بملابسها الملونة المبهجة، وأناقة مديرة المدرسة التي تبرز ملامح شخصيتها القوية الحازمة كما تذكرنا بالطابع الغامض لبطلات أفلام هيتشكوك، وكذلك ملابس مارلين ثورنهيل الأنيقة، وحذاؤها الأحمر ذو الرقبة الذي لعب دورا مهما في حل لغز المسلسل.

الموسيقى والرقص

بعد الملابس الجذابة، سوف تعلق الموسيقى التصويرية المميزة لداني إلفمان بأذنك بالتأكيد بعد سماعها للمرة الأولى. ارتبط اسم إلفمان بالعمل مع تيم بورتون في أعمال مختلفة من بين أشهرها "Batman Edward Scissorhands, The Nightmare Before Christmas". كما تداعب آذاننا خلال المسلسل العديد من القطع الموسيقية الأخرى الشهيرة، ففي افتتاحية الحلقة الأولى، جاءت أغنية "Non, Je Ne Regrette Rien" للمطربة الفرنسية الأشهر إديث بياف بوصفها أنسب طريقة للدخول الحاد لوينزداي مع مجموعتها من أسماك البيرانا المفترسة.

كما أعاد المسلسل للأذهان أغنية "Goo Goo Muck" في مشهد الرقصة الشهير، وعزفت لنا وينزداي على الفيولين أغنية "Paint It Black" لفريق رولينج ستون، وغيرها من الأغاني الأيقونية. بالتأكيد علينا هنا أن نتحدث عن المشهد الأكثر شهرة على الإطلاق رغم أنه استغرق أقل من ثلاث دقائق من زمن المسلسل، إنه مشهد رقصة وينزداي في الحلقة الرابعة الذي أصبح إحدى أهم الصيحات على منصة تيكتوك.

قام الملايين بإعادة تقديم حركات وينزداي الراقصة، من بينهم العديد من المشاهير الذين قدموا نسخهم الخاصة منها، أشهرهم كيم كاردشيان وبيونسيه وغيرهما. كما تفجرت شعبية الأغنية بعد أن قامت المطربة الشهيرة ليدي جاجا بمحاكاة مظهر وينزداي وأداء حركاتها الراقصة على أنغام أغنيتها الشهيرة "Bloody Mary" لتُعيدها إلى الأذهان مجددا بعد أكثر من عقد من إصدارها.(3)

في هذه الأغنية يظهر عبر الأداء الراقص غير التقليدي إيمان وينزداي الراسخ بتجاهل الأعراف الاجتماعية التي تقيد أقرانها على حلبة الرقص، ويبرز شعورها بالتحرر والثقة بالنفس. وقد اعترفت أورتيجا بأنها هي مَن صممت الرقصة بنفسها، دون الاعتماد على مصمم للحركات أو مدرب للرقص، حيث استمدت حركاتها من كلٍّ من بوب فوس، مصمم الرقصات المسرحية الشهير، ونوادي الرقص القوطي في الثمانينيات، بالإضافة إلى بعض التأثيرات من مسلسل "عائلة آدامز" التلفزيوني في الستينيات.

هذا هو واحد من أسرار نجاح الرقصة طبقا لجينا درنتين، أستاذة التسويق المشاركة في جامعة لويولا في شيكاغو، التي تدرس كيف يعبر مستخدمو تيكتوك والمنصات الرقمية الأخرى عن هوياتهم. فاعتراف أورتيجا بأنها ليست راقصة جيدة جعل الرقصة أكثر جاذبية لمتابعيها، حيث بدت تلقائية ومتحررة من التقاليد بلا أي افتعال. تشير جينا درنتين أيضا إلى نجاح الرقصات الرائجة باعتبارها جواز مرور للانتماء للجماعة، كطقس مشترك بين أفراد الجماعة يعزز شعورهم بالانتماء والتضامن ووجود تجربة مشتركة، وتذكرنا برقصة ماكارينا على سبيل المثال بوصفها واحدة من أشهر الرقصات الرائجة.

إذا تصفحنا مقاطع الفيديو، فسيدهشنا كيف تمكَّن ملايين الأشخاص من إضفاء طابعهم الخاص على الرقصة، ودمجها مع موسيقاهم المحلية وإرثهم الثقافي المتنوع، ورغم أن تقليد مقاطع تيكتوك ومحاكاة الرقصات يعزز ضغط التكرارية، فإن وينزداي ما زالت تذكرنا أن نحافظ على طبيعتنا واختلافنا، حتى حين نحاول أن نقلد رقصتها. (4)

الوقوع في غرام كف مقطوع

(مواقع التواصل الاجتماعي)

حسنا، لنختتم جولتنا مع "ثينج"، ذلك الكف المبتور بلا جسد الذي يصاحب وينزداي من مكان إلى آخر ويساعدها في تنفيذ خططها. وقد كشفت "نتفليكس" أن الممثل الواقف وراء تحريك الشخصية هو فيكتور دوروبانتو، الذي ارتدى بذلة زرقاء من رأسه وحتى أخمص قدميه فيما عدا كفه المقصود، وانقسمت مهمة التحريك بينه وبين قسم المؤثرات البصرية.

في النهاية، استطاع المسلسل أن يخاطب عددا كبيرا من الشرائح العمرية، فإذا كنت من مواليد الثمانينيات، مَن اقتربوا من عمر الأربعين أو جاوزوه، فأنت ممن ألفوا شخصيات عائلة آدامز، وربما تتشوق لرؤيتهم من جديد، وإذا كنت تنتمي إلى الجيل الحالي فبالتأكيد سوف تجد ما يجذبك في مسلسل موجه بشكل رئيسي للمراهقين مع بصمة تيم بورتون، وأداء لا يُنسى يربت على أكتاف جميع الخارجين عن النص، الهاربين من سطوة القطيع.

________________________________

المصادر:

  1. top 10 tv shows: netflix
  2. How Netflix’s Wednesday became a pop culture phenomenon
  3. All The Stars Reenacting Wednesday Addams’ Iconic Dance From Kim Kardashian To Amelia Dimoldenberg
  4. Why we can’t get enough of the ‘Wednesday’ dance

 

المصدر : الجزيرة