5 علامات تساعدك في الكشف عن الإصابة به.. ماذا تعرف "إدمان الطعام"؟

لا يتعلق إدمان الطعام بنوعية الأكل الذي تتناوله، فقد تكون مدمنا عليه، سواء كان ما تتناوله صحيا أو غير صحي (وكالة الأنباء الألمانية)

أشارت دراسة حديثة إلى أن علامات إدمان الطعام تظهر على واحد من كل 8 أميركيين فوق سن الـ50. لكن ما هذه العلامات؟ وما علاقة إدمان الطعام بالمرحلة العمرية للشخص؟

ربما يكون من الأهمية معرفة تلك العلامات خاصة وأن الوطن العربي صار يعاني من معدلات سمنة مرتفعة كما هو الحال في مصر على سبيل المثال، مما يتسبب لاحقا في كثير من المعاناة مع الأمراض التي تسببها السمنة مثل السكري، وارتفاع ضغط الدم، وانقطاع النفس الانسدادي النومي، والكبد الدهني، فضلا عن العديد من الأمراض الخطيرة.

الوفيات السنوية بسبب السمنة في العام 2020 بمصر بلغت نحو 115 ألفا، أي 19.8% من إجمالي الوفيات، في وقت لم تتوفّر فيه إحصاءات أو دراسات دقيقة عن دول عربية أخرى.

مؤشرات مخيفة

حين نتحدث عن السمنة، فإن البعض قد يبرئ "إدمان الطعام" من أن يكون سببا فيها، لكن دراسة مصرية نُشرت في العام 2016 ربطت بين السمنة وإدمان الطعام، بالإضافة إلى دراسة أخرى أشارت إلى انتشار إدمان الأكل في أوساط الشباب قياسا على طلاب السنة الرابعة من تخصص الطب في جامعة المنيا، حيث تبين أن 24.9% من طلاب الطب إما مدمنو طعام وإما لديهم بعض أعراض الإدمان، مع الإشارة إلى دور أمور مثل التثقيف الغذائي والإقلاع عن التدخين والدعم النفسي في تعزيز عادات تناول الطعام الصحي، وتقليل معدل الإنيميا والسمنة لدى هؤلاء الطلاب، في تقليل نسب إدمان الطعام.

في وقت انتشرت فيه مجموعات وصفحات تدعم "الأكيلة" و"صناعة الكرش" لعل أشهرها مجموعة بعنوان "Kersh Keepers" تضم قرابة 5 ملايين عضو، تشير دراسة أميركية إلى أن الأطعمة المصنعة، مع المحليات والدهون المضافة، تجعل إمكانية إدمان الطعام أكبر، وربما تلعب "الصور البراقة" للأطعمة اللذيذة دورا رئيسيا في هذا الأمر.

Obesity is the cause of diabetes and high blood pressure. كبير البطن - السمنة. المصدر: غيتي
بلغت الوفيات السنوية المقدرة بسبب السمنة 115 ألفا، أي 19.8% من إجمالي الوفيات المقدرة لعام 2020 بمصر (غيتي)

هل نجوع مع تقدم العمر؟

بحسب دراسة حديثة أعدتها كلية الطب في جامعة ميشيغن الأميركية، فإن حوالي 13% من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 50 و80 عاما في البلاد لديهم علاقة غير صحية مع الطعام، مما يعني أن واحدا من كل 8 أميركيين فوق سن 50 عاما تظهر عليهم علامات إدمان الطعام، فضلا عن نسب أعلى كثيرا للإدمان على الأغذية المريحة، وكذلك الأغذية المصنعة بين كبار السن الذين يعانون بالفعل من زيادة الوزن، أو العزلة، أو ضعف الصحة العقلية.

"كنت أشعر بجوع مستمر، توتر مستمر، وشبع منعدم، وزاد الأمر وقت الجائحة"، تتحدث منى شاهين، أم لطفلين ومدربة ومستشارة تطوير مشاريع تنمية دولية، لم تتجاهل الأعراض، وإنما راحت تتبع سببها عبر الكشف الطبي والتحاليل.

تقول "لاحظت شقا نفسيا متمثلا في التوتر، وشقا جسديا يتمثل في مقاومة الأنسولين وكبد دهني وانخفاض جودة النوم بسبب عنايتي بأطفالي والاحتراق الوظيفي، كل هذه الأسباب كانت تقودني للأكل باستمرار، حتى في حالة العطش أرغب في الأكل، درست الأمر وحاولت أن أفهم هل هذا جوع أم عدم قدرة على التصرف مع ما أشعر به؟ الأمر الذي ساعدني على التعافي. صحيح أنني استغرقت 3 سنوات، ولم يكن الأمر سهلا في البداية، خاصة وأن الحلوى والكاربوهيدرات، وما يسمى بالأكل المريح، كانت تمنحني شعورا مؤقتا بالراحة، لكن الآن صرت أكثر وعيا".

تضيف شاهين "حين أجد نفسي في هذه الحالة ألجأ للتأمل، ولا أدخر مواقف مؤذية، تؤذيني في المقام الأول، صرت أهتم بغذائي، وتناول طعام متوازن، وأرتب نوعية الطعام، كما صرت أحصل على مكملات غذائية مع نوم عميق، وصرت أقاوم جوع الليل، ولجأت للصيام المتقطع وإلى إسعاد نفسي والعناية بها في المقام الأول حيث لم أعد أتعامل مع الطعام باعتباره مكافأة".

يعد إدمان الطعام أحد أصعب أنواع الإدمان لأنه مرتبط بمثير متاح طوال الوقت (بيكسلز)

علامات إدمان الطعام

لا يتعلق إدمان الطعام بنوعية الأكل الذي تتناوله، فقد تكون مدمنا عليه سواء كان ما تتناوله طعاما صحيا أو غير صحي، مصنعا أو طبيعيا، أو حتى مجرد مشروبات مفضلة. في النهاية، هي سعرات حرارية فارغة لا يحتاجها الجسم، ولا داعي لها سوى تلك العلاقة غير الصحية مع الطعام.

هناك علامات واضحة لإدمان الطعام، حين أراد باحثون في مركز "رود" لعلوم وسياسات الغذاء، بجامعة ييل الأميركية، تحديدها بشكل دقيق وضعوا استبيانا ضم مجموعة من الأسئلة الكاشفة مثل:

  • حين تبدأ في تناول طعام معين، هل تجد أنك انتهيت إلى تناول كمية أكبر مما كان مخططا له؟
  • هل تستمر في تناول أطعمة بعينها حتى لو لم تعد جائعا؟
  • هل تظل تتناول الطعام حتى تشعر بالامتلاء الشديد؟
  • هل تقلق من عدم تناول أطعمة معينة أو تقليلها؟
  • هل تبذل مجهودا للحصول على أطعمة بعينها حين لا تكون متوفرة؟
  • هل تأكل أطعمة معينة بكميات كبيرة بحيث تفضّل الأكل على قضاء وقت مع العائلة أو القيام بأنشطة ترفيهية؟
  • هل لديك مشاكل في الأداء بفعالية في العمل أو المدرسة بسبب الطعام؟
  • هل تحتاج إلى تناول الطعام لتقليل المشاعر السلبية أو زياد المتعة؟

بحسب الموقع الرسمي لهيئة الخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة، فإدمان الأكل أو اضطراب نهم الطعام "بي إي دي" (BED) هو أحد أنواع اضطرابات الطعام الأكثر شيوعا، مثل فقدان الشهية العصبي والشره المرضي. ويمكن معرفة ما إذا كانت علاقة الشخص مع الأكل غير صحية، وعموما يتميز اضطراب نهم الطعام أو إدمانه بعلامات رئيسية مثل:

  1. الأكل عندما لا تشعر بالجوع.
  2. تناول الطعام بسرعة كبيرة.
  3. تناول الطعام في السر، بعيدا عن الآخرين والشعور بالاكتئاب أو الذنب أو الخجل أو الاشمئزاز بعد الشراهة عند تناول الطعام.
  4. تحاول إخفاء مقدار ما تأكله.
  5. تخزن إمدادات الطعام وتشعر بالقلق عند نفادها.
تناول الأكل في السر بعيدا عن الآخرين والشعور بالاكتئاب أو الذنب من أعراض إدمان الطعام (وكالة الأنباء الألمانية)

"من الكرش للكيرفي".. كيف يمكن علاج إدمان الطعام؟

يعد إدمان الطعام أحد أصعب أنواع الإدمان، لأنه مرتبط بمثير متاح طوال الوقت، بحسب موقع "ويب ميد" (Web Med) قد يساعد مستشار نفسي أو طبيب أو خبير تغذية في علاج إدمان الأكل، وكسر دائرة الطعام الزائد، وهناك عدد متزايد من برامج مساعدة مدمني الأكل.

في نهاية العام 2015، وصلت الكاتبة شيماء الجمال إلى وزن تخطى المئة كيلوغرام، الأمر الذي شكل نقطة تحول جذرية في حياتها، حين بدأت رحلتها في تغيير النمط الغذائي والرياضة والانتباه إلى مثيرات إدمان الطعام، لتشهد حياتها نقلة نوعية، حيث وصلت إلى وزن 63 كيلوغراما.

تقول مدربة علم النفس الإيجابي ومستشارة الصحة النفسية، التي دونت تجربتها كاملة عبر وسم (هاشتاغ) بعنوان "من الكرش للكيرفي" إن "الإدمان هو النقطة التي تبدأ عندها المشكلة والحل بالكامل، إدراك سبب المشكلة هو بداية حلها، مدمن الطعام لا يحب الطعام في ذاته، ولكنه يدمن أثره في أوقات الضغط النفسي الشديد، يدمن حالة الانتشاء التي تتبع تناول الطعام اللذيذ، الإدمان ليس للمخدرات فقط، ورحلة الشفاء من إدمان الأكل لن تتضمن ورقة دايت معلقة على ثلاجة المنزل، ولا عملية شفط دهون وشد للترهلات، البداية الحقيقية حين نغوص داخل أنفسنا، ونسمح لها بالاحتياج، ونكشف عن احتياجاتها الحقيقية التي نهرب من إشباعها بتناول الطعام، الرحلة ليست سهلة، لكنها تستحق".

تقول مؤلفة "سنة أولى نفسية: نفسك.. جسمك.. علاقاتك" إن "التخلص من إدمان الطعام يتضمن التخلص من الكاربوهيدرات المصنعة، كالمعكرونة والخبز والسكريات عموما، لأن ذلك من شأنه تنشيط المنطقة المسؤولة عن إدمان الطعام، والإسراع في الشعور بالجوع مرة أخرى، مع ممارسة رياضة حتى لو كانت المشي، سواء كان ذلك في الخارج أو حتى داخل المنزل، كما هو الحال برامج المشي في المكان، لفقد سعرات حرارية وممارسة الرياضة منزليا".

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية