الدجاج البرازيلي على الموائد العربية.. ما قصة نجاح قطاع الدواجن في بلاد السامبا؟

البرازيل أصبحت أكبر مورد للأغذية الحلال في العالم فكانت شهادة "حلال" خطوة نحو غزو السوق العربية والإسلامية (بيكسابي)

أصبحت الدجاجة البرازيلية ضيفا مهما على موائد العرب في الأشهر الأخيرة؛ بسبب انخفاض سعرها مقابل الدجاج المحلي الذي زاد سعره إثر اضطراب سوق حبوب الأعلاف الروسية.

وسواء اعتبرنا الدجاجة البرازيلية ضيفا خفيفا أم ثقيلا، فلن ينفي ذلك صعود قطاع الدواجن في البرازيل سلّم النجاح خطوة فخطوة.

ويباع الدجاج البرازيلي في الأسواق المصرية من زنة كيلوغرام واحد بنحو 65 جنيها (قرابة دولارين)، بينما يباع الكيلوغرام الواحد من الدجاج المحلي بنحو 80 جنيها (نحو 3 دولارات).

نجاح بعد فشل

تعامل البرازيليون مع تضخم طاحن بين عامي 1975 و1995، وخسرت العملة المحلية كثيرا كما تغير اسمها 6 مرات، لكن النجاح الاقتصادي بدأ عندما أصبح القطاع الزراعي يحظى بأهمية كبيرة.

أعداد مزارع الدواجن زادت في الريف البرازيلي منذ عام 2005 (بيكسابي)

وسرد تقرير منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO) مراحل تحول البرازيل إلى قوة زراعية عالمية بين عامي 1995 و2005، فقد أدركت البرازيل في التسعينيات أن الزراعة ليست نشاطًا بدائيا، بل هي قطاع يمكنها استغلاله والتفوق فيه بسبب مواردها الطبيعية.

بدأت البرازيل إنتاج أعلاف نباتية غير معدلة وراثيا، وهيمنت على إنتاج لحوم الأبقار خلال تلك الفترة، وما زالت تحكم قبضتها على سوق اللحوم الحمراء.

واهتمت البرازيل بقطاع الدواجن بعد غزو فيروس إنفلونزا الطيور من سلالة (H5N1) معظم دول العالم، في حين لم تسجل البرازيل حالة إصابة واحدة، فكانت ثالث أكبر مُصدر للمنتجات الزراعية والغذائية والحيوانية في العالم؛ بعد أميركا ودول الاتحاد الأوروبي.

وحققت صادرات البرازيل فائضًا ضخمًا في العامين التاليين لانتشار الفيروسات الحيوانية، سمح للدولة بخفض ديونها، وتعزيز احتياطاتها من العملات الأجنبية، والاستثمار في قطاعي التعليم والأبحاث الزراعية والحيوانية.

سلة غذاء العالم

زادت أعداد مزارع الدواجن في الريف البرازيلي منذ عام 2005، وشكلت مراحل إنتاجها اقتصاد مدن عدة، كما ظهرت مراكز كبيرة لإنتاج البيض، يقع أشهرها في مدينة باستوس المعروفة دوليا بكونها واحدة من أكبر المنتجين في قطاع البيض في العالم.

وساعد البرازيل على ذلك وفرة حقول شاسعة من الحبوب، ومناخ مناسب للتربية، كما ضمن علم الوراثة والتهجين زيادة في الإنتاج والجودة.

ويعمل اليوم أكثر من 3.6 ملايين شخص بتربية الدواجن في البرازيل، ويمثل القطاع ما يقرب من 1.5% من الناتج المحلي البرازيلي، ويديره عشرات الآلاف من أصحاب المزارع ومئات شركات الإنتاج وعشرات الشركات المصدرة.

والجودة نفسها تلاحظ في إنتاج البيض البرازيلي -سابع أكبر إنتاج في العالم- الذي يصدّر إلى عشرات البلدان الأكثر طلبًا.

كان 2020 عام حظ للبرازيل؛ إذ وصل إنتاج الدواجن إلى مستوى تاريخي بلغ 55.33 مليون طن، وفق "الاتحاد البرازيلي للإنتاج الحيواني"، وصارت البرازيل أحد أكبر 3 منتجين للدجاج في العالم، إلى جانب أميركا والصين.

وتشبّعت السوق البرازيلية المحلية بنسبة 69% من الإنتاج، لذلك صدرت البرازيل 14 مليون طن دجاج إلى أكثر من 150 دولة في عام 2020، وأصبحت أكبر مصدر للحوم الدجاج الكاملة في ذلك العام إلى جانب اللحوم المصنعة، وتمثل حصتها 35% من التجارة العالمية للحوم الدجاج.

سائحة تهاجم باعة الدجاج مقطع من نشرتكم
أكثر من 3.6 ملايين شخص يعملون اليوم بتربية الدواجن في البرازيل (الجزيرة)

سوق عربية وإسلامية

تعيش جالية مسلمة وأخرى عربية في جميع أنحاء البرازيل، وتمثل الدول العربية ثالث أكبر شريك تجاري واستثماري لدى البرازيل، وتعود التجارة العربية البرازيلية إلى 70 عامًا، منذ منح البرازيل عضوية "اتحاد الغرف العربية" وتأسيس "غرفة التجارة العربية البرازيلية" التي تضم 22 دولة عربية.

ونشرت صحيفة "بي بي إم" (BBM) المعنية بالاقتصاد البرازيلي حوارًا مع علي صفي المدير التنفيذي لشركة "كديال" (Cdial) البرازيلية المعتمدة من حكومات دول إسلامية لمتابعة مراحل إنتاج اللحوم البرازيلية وتخزينها ونقلها، والتصديق على اتباعها الشريعة الإسلامية، ومنحها شهادة "حلال".

خلال الحوار، صنف صفي البرازيل بأنها أكبر مورد للأغذية الحلال في العالم؛ فكانت شهادة "حلال" خطوة نحو غزو السوق العربية والإسلامية، وصارت مطلبًا لمستهلكين يسعون إلى الجودة والسلامة وحماية البيئة و دعم حقوق الحيوان.

وساعدت شهادة "حلال" للأطعمة في ذبح 50% من الدجاج المنتج في البرازيل وفقا للشريعة الإسلامية، مع توقعات بتطبيق معايير الشهادة على أعمال مختلفة، مثل الفنادق والمطاعم والخضراوات ومستحضرات التجميل وأي منتج منقول لضمان عدم ملامسته خمورا أو دهن خنزير.

وكانت حكومتا الكويت والسعودية أول المؤمنين بشهادة الأطعمة الحلال، وأدرجت شركة "كديال" علامات تجارية حاصلة على تلك الشهادة للتأكد منها قبل الشراء.

ورتبت "الرابطة البرازيلية للبروتين الحيواني (BAAP) أكبر المستوردين العرب للدجاج البرازيلي في عام 2020، وجاءت السعودية في الصدارة.

ووافقت مصر منذ 3 أعوام على استيراد الدجاج البرازيلي المعالج حراريا، واستقبلت أول شحنة دجاج برازيلية فور إصدار الترخيص، قبل أن يأخذ الطلب المصري منحى تصاعديا كبيرا، بمعدل 27% في 6 أشهر.

وأشار تقرير "غرفة التجارة العربية البرازيلية" (UAC) لعام 2021 إلى أن إجمالي الصادرات البرازيلية إلى 22 دولة عربية بلغ 14 مليار دولار، بزيادة قدرها 26% مقارنة بعام 2020، في حين ارتفع استيراد الدول العربية من الدجاج البرازيلي وحده إلى 22%.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية