كيف تستخدم قدرات عقلك بحدها الأقصى؟

يرى علماء أن أدمغتنا تمتلك أكثر بكثير مما نستغله بالفعل في بناء قدراتنا، وأن الإنسان يستخدم جزءا بسيطا ومحدودا فقط من الدماغ، مما يفسر بعض الاختلافات بين البشر عموما، فبعض الناس أذكياء وبعضهم أذكياء جدا، فيما آخرون نعدهم في خانة "الأقل ذكاء"، فما التفسير العلمي للأمر؟

هناك الكثير من الأفكار والخرافات التي ارتبطت بقدرات العقل البشري على مر التاريخ، وواحدة من أكثر هذه الخرافات شعبية -والتي سادت لفترة طويلة في أوساط النخب الغربية- أن البشر يستخدمون 10% فقط من أدمغتهم.

وهي فكرة جذابة وتداعب الغرور البشري كما تقول الكاتبة البريطانية كلوديا هاموند في مقالة لها نشرتها في منصة "بي بي سي" (BBC)، لأنها "توحي بإمكانية أن نصبح أكثر ذكاء ونجاحا إذا ما استطعنا إعادة استخدام الـ90% المهدورة من قدرات دماغنا".

لكن الكاتبة تستطرد أن هذه الأسطورة خالية تماما من الحقيقة، وتناقش هاموند في مقالتها مختلف جوانب هذه المقولة، مؤكدة على عدم صحتها علميا وفسيولوجيا.

وعلى أرض الواقع فإن الدماغ عضو حي يعمل بجد ويتحكم بكل وظائف الجسد، وهو قادر على النمو والتطور إذا ما تم صقله وتدريبه بشكل علمي مناسب، وقد يفقد الكثير من قدراته ويضمر ويضمحل إذا ما تم إهماله.

قدرات الدماغ وكيفية تطويرها

يقول العالم والفيلسوف ماثيو بوتوملي في مقالة له نشرتها منصة "ميديوم" (medium.com) إن "الدماغ البشري يتطور إلى مرحلة البلوغ من خلال عملية تعرف باسم "التقطيع الرقيق" (Thin-Slicing)، حيث تتراكم المعرفة في طبقات بالطريقة ذاتها التي تتراكم بها الرواسب في المصب قبل أن تتشكل الصخور في النهاية تحت الضغط.

وخلال هذه العملية نأخذ كميات هائلة من المعلومات والبيانات حول العالم من حولنا في كل لحظة نعيش فيها.

وهذا الحجم الضخم من المعلومات أكبر من أن نتعامل معه، خصوصا في سنوات تكويننا الأولى، لذلك طور الإنسان طرقا للمساعدة من خلال التعليم والمدارس والجامعات بحيث يتم بناء المعرفة.

وهذا يعني أن الدماغ كائن عضوي قابل للتطور والنمو إذا ما تلقى التعليم والتدريب المناسبين، فكيف يمكن زيادة قدرات أدمغتنا؟

نشرت منصة "سايكريغ" (psychreg.org) مجموعة من النصائح التي من شأنها أن توقف استنزاف الدماغ وتعزز قدراته وتوصله إلى العمل بنسبة 100% من طاقته إذا ما تم اتباعها، نذكر أهمها في ما يلي:

النوم المناسب في الوقت الملائم

يتوتر عقلك ويتعب من كم المعلومات الهائل التي يعالجها يوميا، وتذكّر أن الدماغ هو مركز القيادة لجسمك، فهو يتحكم بكل عمليات الجسد الداخلية والخارجية، وعندما يصاب عقلك بالتعب والإنهاك فإن هذا يؤثر على قدراتك المعرفية ويصبح التركيز صعبا، وتضعف القدرة على التحكم والتصرف بشكل سليم.

لذلك، يحتاج عقلك إلى الراحة لإعادة الشحن واستعادة قدراته، وهنا يجب أن تحصل على قسط كاف من النوم كل ليلة.

ولا يتعلق الأمر بالحصول على القدر المناسب من النوم وحسب، بل أيضا بالنوم في الوقت المناسب، أي ليلا، فالفوائد المستفادة من النوم في النهار لا تقارن بفوائد النوم ليلا، فقد جعل الله الليل سباتا، أي للراحة والسكينة.

التمارين الرياضية

لا تساعد التمارين الرياضية في تنمية عضلات جسدك فقط، بل تساعد أكثر في تقوية عقلك، فالدماغ يحتاج إلى القوة ليعمل، والقوة تعني مزيدا من الطاقة والأكسجين كي يؤدي بأفضل قدراته، وعلينا أن نتذكر هنا أن الدماغ يستهلك 20% من الأكسجين الذي نتنفسه يوميا.

عند ممارسة الرياضة يتحسن تدفق الدم في جسمك، مما يؤدي إلى إرسال المزيد منه إلى عقلك، وهو ما يعني مزيدا من الأكسجين، كما يفرز جسدك أيضا هرمون "الإندورفين" الذي يجعلك سعيدا، ويقلل التوتر العقلي ويزيد قدرات الدماغ.

التمارين العقلية

دماغنا عضلة، وتحتاج إلى تمارين يومية كي لا تضمر وتخفت قدراتها، وتعد القراءة من أهم النشاطات التي يوصي بها العلماء لتمرين الدماغ، وكذلك حل الألغاز والكلمات المتقاطعة، ولعب الشطرنج.

وإذا كنت من هواة الألعاب الإلكترونية فإن الألعاب الإستراتيجية تساعد أيضا على تمرين العضلة الأهم في جسدك وتنميتها.

الغذاء الذكي

يؤثر الطعام أيضا على وظائف دماغك، وتذكر أن كل ما تضعه في جسمك سيؤثر على عقلك، وننصحك بتناول ما يسمى "الطعام الذكي" (Smart Food) الذي يحسّن قدرات العقل.

ويتكون هذا الغذاء من الأطعمة البحرية، كالسمك والسلمون والتونة والسردين، بالإضافة إلى البيض والشوكولاتة الداكنة والمكسرات، وطبعا الكثير من الفواكه والخضروات.

التأمل

قد يكون السبب في عدم قدرتك على التركيز هو الإفراط في التفكير، مما يؤدي إلى التشتت، فأنت تفكر في أشياء كثيرة معا، وهذا يتعب الدماغ ويستهلك طاقته.

في مثل هذه الحالات جرب التأمل لتجميع أفكارك وتهدئة عقلك، فالتأمل مهم جدا لتهدئة الدماغ والنفس، ولذلك فإن ممارسة تمارين اليوغا قد تكون مفيدة جدا لك.

تنفس بعمق لبضع دقائق، لأنه يزيد تدفق الأكسجين إلى دماغك، مما يؤدي إلى تخفيف توتره، ويمكنك أيضا تخصيص دفتر لتدوين أفكارك المشتتة وتنظيمها.

قم بمهمة واحدة في كل مرة

في عصرنا المتسارع يحاول الكثير من الناس أداء أكثر من مهمة في الوقت ذاته، وهذا يتعب الدماغ ويستنزف قدراته، لذا، فإن من الأفضل أن تركز على مهمة واحدة أولا قبل الانتقال إلى المهمة التالية.

وسيساعدك هذا التركيز على حل المشكلات التي تواجهك في العمل أو الحياة بشكل أفضل وأكثر فاعلية.