تقاطع على الطريق.. أيام كارلوس وأسامة بن لادن الأخيرة بالسودان
في ملاذه الآمن بالخرطوم -كما قدر واختار- كان الفنزويلي كارلوس المعروف بابن آوى يتمشى في حي الرياض الراقي وسط العاصمة، لمح في الجانب الآخر من الطريق شخصا ملتحيا وفارع الطول يبتسم له ويومئ برأسه، فبادله التحية ومضى في طريقه، عرف أنه أسامة بن لادن.
كان هذا هو اللقاء الأول العابر بين رجلين ملأ كل منهما الدنيا وشغل الناس في عصره، لكنهما يلتقيان في روابط مشتركة عديدة. عادت الذاكرة بكارلوس، الثوري العتيد والمطارد الموصوم بالإرهاب إلى المرة الأولى التي سمع فيها بهذا الرجل في سنوات خلت فأصبح هدفا له.
في 16 أغسطس/ آب 1993، حطت طائرة الخطوط الجوية الأردنية بالعاصمة السودانية الخرطوم قادمة من مطار الملكة علياء الدولي، كان على متنها مجموعة قليلة من المسافرين، وبينهم مسافر يحمل جواز سفر دبلوماسيا ألمانيا، لم يكن ذلك الشخص سوى إليتش راميريز سانشيز (كارلوس)، الذي كان هدفا ثمينا لكل أجهزة المخابرات الغربية.
خرج من الطائرة فلفحه هواء الخرطوم الحار المثقل بالرطوبة في ذلك الوقت من الصيف، دلف إلى الباص الذي حمله ومن معه إلى مبنى المطار، مسح بعين الخبير المدرب كل أركان المبنى ثم زوايا صالة الوصول، وتقدم إلى الشرطة، وختم جوازه بهدوء. لم يكن الرجل شديد الارتياب، لكنه كان ذا حس أمني عال اكتسبه بالفطرة وصقله بالتجربة، كان يعرف أن المطارات مليئة بالمخبرين والجواسيس ورجال المخابرات، ولم يكن الأمر يخلو من مفاجآت يعرفها أكثر من غيره.