بنيامين نتنياهو.. يميني من أصل بولندي يحكم إسرائيل

بنيامين نتنياهو تولى عدة مناصب سياسية ودبلوماسية وعسكرية في إسرائيل لعدة عقود (رويترز)

سياسي إسرائيلي ولد عام 1949، تولى منصب رئاسة الوزراء أكثر من مرة، عرف بتأييد إقامة المستوطنات، ودعم حركة المهاجرين الروس، كما عرف بتشدده تجاه الفلسطينيين. ويعد أول رئيس وزراء لإسرائيل ولد فيها والأصغر عمرا في هذا المنصب.

المولد والنشأة

ولد بنيامين نتنياهو يوم 21 أكتوبر/تشرين الأول 1949 في مدينة يافا، لأب من أصل بولندي وأم أميركية يهودية تدعى زيلا سيغال، وورث عن والده العقيدة اليهودية المتشددة وكره العرب والمسلمين.

فهو نجل المؤرخ بنتسيون نتنياهو، الأكاديمي اليهودي بدرجة بروفسور في تاريخ اليهود الأشكناز، وهم اليهود الذين سكنوا بجانب نهر الراين في ألمانيا وشمال فرنسا في العصور الوسطى، ثم جاؤوا إلى فلسطين بعد الهولوكوست وكونوا حزب العمل، الذي سيطر على الحكم في إسرائيل لمدة ثلاثة عقود.

وبسبب آرائه المتشددة، وجد نتنياهو الأب نفسه مرفوضا من مجموعته العرقية "الأشكناز"، فغير ولاءه من حزب العمل إلى حزب الليكود اليميني.

نتنياهو وزوجته سارة تطاردهما تهم بالفساء واختلاس المال العام (رويترز)

كان والده ناشطا صهيونيا معروفا، عمل مساعدا شخصيا لزعيم الصهيونية التصحيحية زئيف جابوتنسكي. عام 1963 انتقلت العائلة إلى الولايات المتحدة الأميركية إثر تلقي الأب عرض عمل في منصب أكاديمي، وعاد بنيامين إلى إسرائيل بعد أن أصبح عمره 18 عاما.

وفي عام 1976 قُتل شقيقه "يوناثان" أثناء عملية لإطلاق سراح رهائن طائرة مخطوفة في عنتيبي بأوغندا، وترك هذا الأمر أثرا سيئا على العائلة.

تزوج عام 1972 من صديقته ميريام وايزمان التي تعرف عليها خلال الخدمة العسكرية، وبعد 6 سنوات قبل ولادة طفله انفصلت عنه بسبب خيانته لها. ثم تزوج البريطانية كيتس واشترط أن تتحول من المسيحية إلى اليهودية، لكنهما انفصلا بعد 3 سنوات. وفي العام 1991 تزوج بنيامين من مضيفة الطيران سارة بن أرتسي، وله منها ولدان، هما يائير وأفنير.

ويتقن نتنياهو اللغة الإنجليزية، وهو ما جعله مدافعا عن إسرائيل على القنوات الأميركية بشكل دائم في أواخر الثمانينيات ومطلع التسعينيات.

يلقب بـ"الملك بيبي"، ويتميز بمهارته في توصيل أفكاره، وقدرته على الشرح ويستعين بخطاباته بقصص ومعلومات وفيديوهات وصور ولوحات للشرح والرسم، حتى وإن كان ما يقدمه محض كذب ودعايات، إلا أنه لا يتراجع عن طرقه في تقديم معلوماته. وهو ما يبرر نجاحه بالانتخابات واستلامه لمنصب رئاسة الوزراء خمس مرات.

الدراسة والتكوين

درس نتنياهو الابتدائية في القدس في مدرسة هنريتا سولد، وكان طالبا مميزا، سافر إلى الولايات المتحدة حيث تلقى تعليمه الثانوي في مدرسة شلتنهام بولاية فيلادلفيا.

وأنهى دراسته الجامعية في الفترة ما بين 1972-1976، إذ حصل على درجة البكالوريوس في الهندسة المعمارية، ودرجة الماجستير في إدارة الأعمال من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في مدينة كامبريدج، في ولاية ماساتشوستس. كما حصل على بكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة هارفارد.

التجربة العسكرية

عام 1967 عاد نتنياهو إلى إسرائيل لقضاء الخدمة الإلزامية في الجيش وخدم لمدة 5 سنوات في وحدة استطلاع هيئة الأركان العامة "سايرت ماتكال"، وهي أبرز وحدات المهمات الخاصة في الجيش الإسرائيلي وأصبح ضابطا برتبة نقيب.

شارك في الهجوم على مطار بيروت الدولي عام 1968، وقد أدى الهجوم إلى تدمير أكثر من 12 طائرة مدنية تابعة لطيران الشرق الأوسط، وذلك ردا على اختطاف الفدائيين الفلسطينيين لطائرات إسرائيلية.

وقد اشترك في عمليات عسكرية كثيرة، منها المشاركة مع المجموعة الخاصة في عملية إنقاذ طائرة نفاثة بلجيكية اختطفتها مجموعة فدائية تابعة لمنظمة أيلول الأسود في تل أبيب يوم 8 أيار/مايو 1972، ونجحت عملية إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المختطفين، وأصيب خلالها نتنياهو في كتفه وبذلك أنهى الخدمة الإلزامية.

خلال دراسته في الولايات المتحدة الأميركية طلب نتنياهو إجازة لمدة شهرين، وسافر إلى إسرائيل واشترك بالقتال في حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، التي تسميها إسرائيل "حرب الغفران"، وبعد انتهاء الحرب عاد لإكمال دراسته.

الوظائف والمسؤوليات

  • 1967-1972 التحق نتنياهو بالجيش وخدم مقاتلا وضابطا في وحدة استطلاع هيئة الأركان العامة الإسرائيلية "سايرت ماتكال".
  • 1976-1978 عُيّن مستشارا في "مجموعة بوسطن الاستشارية".
  • 1978-1980 عمل مديرا لمعهد يوناتان للأبحاث المتعلقة بالإرهاب.
  • 1980-1982 عضو الإدارة العليا في شركة "ريم" للصناعات في القدس.
  • 1982-1984 بدأ حياته السياسية مساعدا لسفير إسرائيل لدى واشنطن ونائب رئيس البعثة الدبلوماسية الإسرائيلية في الولايات المتحدة.
  • 1984-1988 مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة.
  • 1988 انتخب لأول مرة عضوا في الكنيست الإسرائيلي عن حزب الليكود.
  • 1988-1991 نائب وزير الخارجية الإسرائيلي.
  • 1991-1992 نائب وزير في مكتب رئيس الحكومة.
  • 1993-1996 رئيس حزب الليكود وأحزاب المعارضة.
  • 1996-1999 رئيس الحكومة الإسرائيلية بعد فوزه على منافسه شمعون بيريز في الانتخابات التي أجريت مبكرا بعد اغتيال إسحاق رابين، ليكون أول رئيس وزراء إسرائيلي ولد في إسرائيل.
  • 1999-2002 مستشار أول في شركة الاتصالات الإسرائيلية "هاي تك".
  • 2002-2003 وزير الخارجية الإسرائيلي.
  • 2003-2005 وزير المالية الإسرائيلي.
  • 2005-2009 رئيس حزب الليكود وأحزاب المعارضة مرة أخرى.
  • 2009-2019 رئيس الحكومة الإسرائيلية.
  • 2022-2023 رئيس الحكومة الإسرائلية.
بنيامين نتنياهو  مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أثناء زيارته إلى إسرائيل يوم 12 أكتوبر 2023 (وكالة الأناضول)

التجربة السياسية

في أواخر السبعينيات عاد نتنياهو إلى إسرائيل لدخول الساحة السياسية، فعينه السياسي موشيه إرينز نائب رئيس البعثة الإسرائيلية في واشطن، واكتسب حضورا في المجتمع الأميركي بسبب إتقانه اللغة الإنجليزية، ثم عُين سفيرا لإسرائيل لدى الأمم المتحدة.

بعد عودته من عمله بالأمم المتحدة، اُنتخب عضوا في الكنيست عن حزب الليكود عام 1988، وعمل مساعدا لوزير الخارجية، وكان له دور بارز في مؤتمر مدريد للسلام عام 1991.

ظل نتنياهو معارضا بقوة لحكومتي إسحاق رابين وشمعون بيريز، واستطاع هزم منافسه عن حزب العمل بيريز بفارق بسيط في انتخابات مايو/أيار 1996. وكان أصغر من تولى منصب رئيس وزراء في تاريخ إسرائيل، فقد كان يبلغ من العمر 46 عاما.

وعلى الرغم من انتقاده الشديد لاتفاقية أوسلو للسلام، إلا أنه وقع على اتفاق تلتزم إسرائيل بموجبه بتسليم 80% من مدينة الخليل للسلطة الفلسطينية، ووافق على انسحاب الجيش الإسرائيلي من مناطق بالضفة الغربية وتسليمها إلى السلطة الفلسطينية، وقد قوبلت هذه القرارات بسخط وغضب من اليمين المتطرف.

وكانت أول مشكلة حقيقية واجهت نتنياهو بعد توليه منصب رئاسة الوزراء عام 1996 هي سلسلة عمليات استشهادية نفذتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) داخل أراضي 48، وما تسببت فيه من أزمة حكومية.

صوت الكنيست الإسرائيلي على سحب الثقة من حكومته والدعوة إلى انتخابات مبكرة خسرها نتنياهو في منتصف 1999 أمام منافسه من حزب العمل الإسرائيلي إيهود باراك.

وتنحى نتنياهو عن زعامة حزب الليكود لأرييل شارون، وقرر حينها اعتزال السياسة والعمل مستشارا أول مع شركة اتصالات إسرائيلية لمدة عامين.

وبعد انتخاب شارون رئيسا لوزراء إسرائيل عام 2001 قرر العودة للعمل السياسي، واستلم حقيبة وزارة الخارجية ثم وزارة المالية، وقد قام خلال تلك الفترة بإصلاحات اقتصادية أسهمت في رفع اقتصاد إسرائيل، إلا أنه استقال عام 2005 اعتراضا على الانسحاب الإسرائيلي من غزة. وبعد تنحي شارون عن زعامة حزب الليكود نتيجة إصابته بجلطة دماغية؛ عاد نتنياهو للزعامة من جديد.

وفي أبريل/نيسان 2009 تسلم مجددا رئاسة الوزراء بعد منافسة حادة مع مرشحة حزب كاديما ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني. واستمر في منصبه في الانتخابات التالية التي حدثت عام 2013.

في ديسمبر/كانون الأول 2014 هاجم نتنياهو وزيرة العدل تسيبي ليفني ووزير المالية يائير لبيد، وأصدر قرارا بإقالتهما مع 4 وزراء آخرين من حكومته.

وصوت الكنيست الإسرائيلي على حل نفسه تمهيدا لإجراء انتخابات مبكرة بعد الخطوة التي قام بها نتنياهو، وانتخب حينها رئيسا للحكومة الإسرائيلية وفاز بالانتخابات التي حدثت في تلك الفترة.

سياسة نتنياهو

تبنى سياسة الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية بشكل واسع، وصادق على عدد من قرارات الاستيطان وبناء الوحدات السكنية للمستوطنين في القدس والضفة الغربية، كما تزايدت في عهده الاقتحامات الإسرائيلية للمسجد الأقصى وتهجير الفلسطينيين من القدس ومناطق أخرى.

شن نتنياهو منذ أن شكل حكومته في 2009 موجات من الحملات السياسية والإعلامية التحريضية ضد الفلسطينيين، مطالبا إياهم والعرب بالاعتراف بإسرائيل دولة يهودية. كما صرح لصحيفة "إسرائيل اليوم" بأن إسرائيل لا تريد أن يكون العرب مواطنين أو رعايا فيها.

وفي 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2014 صوتت حكومة نتنياهو على قانون يعتبر إسرائيل دولة قومية لليهود. وبموجب هذا القانون يكون التعريف بإسرائيل في القوانين الأساسية التي تحل محل الدستور "دولة قومية للشعب اليهودي"، بدلا من "دولة يهودية وديمقراطية"، مما يفتح الباب على إضفاء الطابع المؤسساتي على التمييز ضد العرب.

وتم التصويت على نسختين من مشروع القانون قدمهما نائبان من الائتلاف الحكومي اليميني، الذي يقوده نتنياهو، هما زئيف ألكين من حزب الليكود وإيليت شاكيد التي تنتمي إلى حزب البيت اليهودي اليميني القومي المتطرف.

وعلى الرغم من إعلانه قبولا مشروطا لقيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، إلا أنه غير موقفه لاحقا، وقال في لقاء تلفزيوني على إحدى المحطات الإسرائيلية عام 2019 "لن تُنشأ دولة فلسطينية على عكس ما يتحدث الناس، لن يحدث ذلك أبدا".

ومن أبرز أحداث محطات مشواره السياسي شنُّ القوات الإسرائيلية -في فجر 31 مايو/أيار 2010- هجوما على "أسطول الحرية"، الذي كان يتألف من ست سفن، ثلاث منها تركية واثنتان بريطانيتان وسفينة مشتركة بين كل من اليونان وأيرلندا والجزائر والكويت، وكانت تحمل مواد إغاثة ومساعدات إنسانية ونحو 750 ناشطا حقوقيا وسياسيا بينهم صحفيون يمثلون وسائل إعلام دولية كالجزيرة، حاولوا التوجه إلى قطاع غزة وكسر الحصار المفروض عليه.

واقتحمت قوات إسرائيلية خاصة كبرى سفن أسطول الحرية، وهي سفينة "مافي مرمرة" التركية، مما أسفر عن مقتل تسعة أتراك.

توترت العلاقات بين أنقرة وتل أبيب. وعلى خلفية ذلك أعلن نتنياهو في مارس/آذار 2013 اعتذاره للشعب التركي عن أي خطأ قد يكون قاد إلى خسارة في الأرواح، ووافق على إنجاز اتفاقية للتعويضات لضحايا الهجوم على سفينة "مافي مرمرة".

حروب نتنياهو على غزة

شن نتنياهو في الفترة الثانية لتوليه منصب رئاسة الوزراء ستة حروب على قطاع غزة:

  • أولاها في 2012، وهي الحرب التي أطلق عليها الإسرائيليون اسم "عمود السحاب"، والتي سماها الفلسطينيون "حجارة السجيل"، واستمرت 8 أيام واستشهد فيها 180 فلسطينيا، بالإضافة إلى إصابة ما يقارب 1300 آخرين، أما على الجانب الإسرائيلي فقد قتل جنديان و4 مدنيين وأصيب 625 إسرائيليا.
  • الحرب الثانية عام 2014 وسماها الإسرائيليون "الجرف الصامد"، فيما سمتها المقاومة "العصف المأكول" واستمرت 51 يوما، وأدت إلى استشهاد 2322 فلسطينيا وإصابة 11 ألف آخرين. فيما قتل 68 جنديا إسرائيليا و4 مدنيين وجرح 2522 إسرائيليا.
  • الحرب الثالثة عام 2019 سماها الفلسطينيون "معركة صيحة الفجر"، واستشهد خلالها 34 فلطسنيا وجرح أكثر من 100 آخرين فيما تكتمت إسرائيل على خسائرها.
  • الحرب الرابعة عام 2021 سمتها إسرائيل "حارس الأسوار" وسماها الفلسطينيون "سيف القدس"، واستشهد في هذه الحرب أكثر من 250 فلسطينيا وأصيب أكثر من 5 آلاف شخص، فيما قتل 12 إسرائيليا وأصيب ما يقارب 330 آخرين.
  • الحرب الخامسة عام 2022 وسمتها إسرائيل "الفجر الصادق"، وسماها المقاومون "وحدة الساحات"، وأدت إلى استشهاد 24 فلسطينيا وإصابة 203 بجروح مختلفة.
  • الحرب السادسة عام 2023 وسمتها المقاومة "طوفان الأقصى"، وسمتها إسرائيل "السيوف الحديدية"، وأدت إلى استشهاد أكثر من 5000 فلسطيني وإصابة أكثر من 15 ألفا آخرين بجروح مختلفة. وشهدت غزة في هذه الحرب دمارا كبيرا ومجازر غير مسبوقة. وكان القصف على خلفية اختراق المقاومة لغلاف غزة ومهاجمة المستوطنات وقتل أكثر من 1200 إسرائيلي وأسر ما بين 200 و250 آخرين وفق ما أعلنته المقاومة.

تهم ومحاكمات

تلاحق نتنياهو تهم بتلقي الرشاوي والاحتيال وخيانة الأمانة والسرقة وإنفاق الأموال العامة على شراء الطعام، كما تواجه زوجته اتهامات بسرقة 100 ألف دولار من الأموال العامة.

وأنكر نتنياهو كافة التهم الموجهة إليه، واتهم التحقيق ضده بأنه ملوث ومتحيز وغير نزيه. وكان المدعي العام الإسرائيلي أفيخاي ماندلبليت قد وجه اتهامات بالفساد لنتنياهو. وتشمل التهم الرشوم والاحتيال وخيانة الأمانة.

المؤلفات

ألف نتنياهو عددا من الكتب باللغتين الإنجليزية والعربية، ومنها:

  • رسائل يوني"، وألفه بالاشتراك مع شقيقه عيدو (1978).
  • "الإرهاب: كيف يحقق الغرب الانتصار"، ألفه عام 1987.
  • "الإرهاب العالمي: التحدي والرد"، كتبه عام 1991.
  • "مكان بين الأمم: إسرائيل والعالم"، ألفه عام 1992.
  • "مكافحة الإرهاب: كيف تستطيع الدول الديمقراطية إلحاق الهزيمة بالإرهاب المحلي والعالمي، ألفه عام 1996.

الجوائز والأوسمة

منحته المنظمة الصهيونية النسائية الأميركية جائزة "هنريتا زولد" في 2012 في الذكرى المائة على تأسيس المنظمة.

المصدر : الجزيرة