اعتزل وسحب البساط من الصدر.. من هو المرجع الشيعي كاظم الحائري؟

الحائري أعلن في 28 أغسطس/آب 2022 اعتزال العمل الديني مرجعا للتيار الصدري بسبب كبر سنه (الجزيرة)

كاظم الحائري رجل دين عراقي بارز، وأحد أبرز تلاميذ المرجع الشيعي الراحل محمد باقر الصدر. ولد عام 1938، وأوصى المرجع الشيعي الراحل محمد صادق الصدر -والد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر- به وجعله واحدا من اثنين طلب من أتباعه بأن يختاروا أحدهما ليكون مرجعا لهم يتبعونه بعد وفاته.

المولد والنشأة

وُلد كاظم علي الحسيني الحائري في الخامس من أكتوبر/تشرين الأول 1938 (1357 للهجرة)، في مدينة كربلاء بجنوب غربي بغداد.

والده علي الحسيني الحائري، من مواليد كربلاء. انتقل إلى النجف لإكمال دراسته الدينية، وأصبح من أبرز علمائها الشيعة، وتوفي عام 1978.

له 5 أشقاء، توفي منهم 3.

انتقل الحائري مع أبيه إلى النجف وهو رضيع، وعندما بلغ 22 من عمره تزوج ابنة عمه، ورُزق منها 4 أبناء توفي أحدهم في الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988).

الدراسة والتكوين العلمي

أشرفت عليه والدته في بداية تعليمه وهو في سنّ الخامسة، فتعلم على يديها القراءة والكتابة والقرآن الكريم، ثم تتلمذ على يد والده ودرس العلوم الدينية في المذهب الشيعي بالإضافة إلى اللغة العربية.

لازم المرجع الشيعي محمود الشاهرودي 14 سنة، ودرس عليه أصول فقه المذهب الاثني عشري، وأحال إليه أستاذه بعض الاستفتاءات التي تولاها وقتئذ، ثم أكمل دراسته عند المرجع محمد باقر الصدر مدة 12 سنة، فتعلم عنده الفقه والأصول والفلسفة والاقتصاد، وأسهم في تأليف كتاب أستاذه "الأسس المنطقية للاستقراء".

التجربة الدينية والسياسية

كان الحائري يتابع الوضع السياسي وهو في النجف، وقدّم توجيهات وفتاوى، منها كتابه "طريق المجاهد" الذي كان مرجعا لبعض المناهضين لحكم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.

وقبل الغزو الأميركي للعراق عام 2003، أصدر الحائري بيانات مشهورة، منها بيان "إهدار دم رموز البعثيين"، وبيان رفض فيه الاعتراف بالدستور المؤقت، وذكر فيه أنّ "هذا الدستور بحذافيره دستور غير شرعي، وليس ملزما لأحد من المسلمين". وعليه، أمر الحائري مكتبه بإعداد دستور دائم للبلاد نشره باسم "لبنة أولية مقترحة لدستور الجمهورية الإسلامية في العراق".

وبسبب موقفه من الحكومة وقتئذ، خرج من النجف عام 1974 متوجها إلى مدينة "قُم" الإيرانية التي تعدّ المركز العلمي الديني للشيعة بعد النجف، حيث نزل في "حوزة علمية" (الحوزات هي مراكز دراسية لطلبة العلوم الدينية الشيعة) وبدأ نشاطه العلمي بالتدريس هناك.

وبعد إعدام محمد باقر الصدر في عهد الرئيس الراحل صدام حسين عام 1980، واكب الحائري ما تعرف بـ"الحركة الإسلامية العراقية" وشجع على "الجهاد" ضد حكم صدام.

أسس الحائري مطلع ثمانينيات القرن الماضي مدرسة علمية تختص بتدريس علوم "أهل البيت"، وأطلق عليها اسم أستاذه "محمد باقر الصدر"، وكانت أول مدرسة تدرس المذهب الاثني عشري باللغة العربية وقتئذ، وأول مدرسة تتبنّى منهج الصدر في أصول الفقه، ثم أسس مؤسسة تهتم بإرسال "العلماء" للتبليغ في مناطق متعددة.

في عام 1982، اختير الحائري فقيها لحزب الدعوة الإسلامية في العراق، لكن مشاكل حدثت بينه وبين الحزب بسبب رؤيته ضرورة ممارسة صلاحيات آية الله الخميني نفسها في قيادة إيران، وهو ما رفضه الحزب تماما، فنشأ خلاف بين الطرفين جعل الحزب يحذف مادة "فقيه الدعوة" من النظام الداخلي عام 1984، ويعيد صياغة المجلس الفقهي.

كان له موقف رافض من دخول "قوات التحالف" إلى العراق إبان الغزو الأميركي للبلاد، ووصفها بأنها قوات "احتلال".

علاقته بالتيار الصدري

تكمن علاقته بالتيار الصدري باعتباره المرجع الديني الذي اختير تنفيذا لوصية المرجع محمد صادق الصدر (والد مقتدى الصدر) الذي اغتيل عام 1999 في عهد صدام حسين، ووجّه باتباع إما إسحاق الفياض أو الحائري، فاختير الحائري لأنه الأقرب إلى نهج المرجع الراحل.

والمرجعية الدينية في المفهوم الشيعي تعني اتباع المرجع الذي بلغ رتبة الاجتهاد والأعلمية في استنباط أحكام الشريعة، إذ أصبح مؤهلا للإفتاء في الأحكام الفقهية، ويعبَّر عنه بالمرجع الديني أو بأنه "آية الله العظمى".

وفي 28 أغسطس/آب 2022، أعلن الحائري اعتزاله العمل الديني مرجعا للتيار الصدري، معللا ذلك بالمرض وكبر سنّه، وأوصى باتباع مرجعية المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، وقدم 7 وصايا لأتباعه في العراق.

أعلن الحائري "إسقاط الوكالات والأذونات التي تصدر منه ومن مكتبه، ووجّه انتقادات ضمنية لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، واتهمه بالسعي لتفريق أبناء الشعب العراقي والمذهب الشيعي باسم المرجعين الشيعيين محمد باقر الصدر ومحمد صادق الصدر، والتصدّي للقيادة باسمهما وهو فاقد للاجتهاد أو لبقية الشرائط المشترطة في القيادة الشرعية فهو -في الحقيقة- ليس صدريًّا مهما ادعى أو انتسب".

ولم يتردد الصدر في الرد على الحائري، وقال في تغريدة له على تويتر "يظن الكثيرون بمن فيهم السيد الحائري أن هذه القيادة جاءت بفضلهم أو بأمرهم. كلا، إن ذلك بفضل ربي أولا ومن فضل والدي محمد صادق الصدر الذي لم يتخلَّ عن العراق وشعبه".

الوظائف والمسؤوليات

بعد اغتيال محمد صادق الصدر، أصبح الحائري مرجعا لكثير من العراقيين في الأمور السياسية، أولهم التيار الصدري.

المؤلفات

ألّف الحائري العديد من الكتب والأبحاث، فقبل "الثورة الإيرانية" التي أطاحت بالنظام الملكي في إيران عام 1979 ألف كتاب "أساس الحكومة الإسلامية" (1978)، وتبعته كتب عدة في سنين متفرقة، ككتاب "الكفاح المسلح في الإسلام" (1981)، و"ولاية الأمر في عصر الغيبة"، و"القضاء في الفقه الإسلامي"، و"الإمامة وقيادة المجتمع" وغيرها.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية