تعرف على تعديلات القانون الأساسي للانتخابات التشريعية التونسية 2022

أصدر الرئيس التونسي قيس سعيد في 15 سبتمبر/أيلول 2022 المرسوم رقم 55 لسنة 2022 المتعلّق بتعديل القانون الانتخابي في تونس، والذي أدخل بموجبه العديد من التغييرات على القانون الأساسي رقم 16 لسنة 2014.

جاء هذا المرسوم بعد مرور 14 شهرا على تفعيل الرئيس التونسي للفصل 80 من الدستور وإعلان العمل بالمراسيم الرئاسية في 25 يوليو/تموز 2021، وقبل حلول الانتخابات التشريعية بـ3 أشهر، والمقررة في 17 ديسمبر/كانون الأول 2022.

التعديلات الجديدة لم يكن لها أثر كبير على أغلب مكونات القانون الانتخابي الذي تم اعتماده بعد إقرار دستور 2014، فقد حافظت على أغلب الفصول الخاصة بتنظيم الانتخابات وعمل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وفرز الصناديق وتسجيل الناخبين وغيرها من العمليات اللوجيستية، لكنها أحدثت تغييرات جذرية وعميقة في نظام الانتخابات وشروط خوضها، وهي الآتية:

الاقتراع على الأفراد بدل القوائم الحزبية

أبرز تعديل أدخل على القانون الانتخابي لسنة 2014 هو تغيير نظام الاقتراع من التصويت على القوائم في دورة واحدة، مع توزيع المقاعد على أساس التمثيل النسبي والأخذ بأكبر البقايا، إلى تصويت على الأفراد في دورة واحدة أو دورتين عند الاقتضاء، وذلك في دوائر انتخابية ذات مقعد واحد.

يتم المرور إلى الدور الثاني إذا لم يحصل أي مرشح في الدور الأول على الأغلبية المطلقة (أي 50 زائد 1)، وفي هذه الحالة يكون الدور الثاني بين المرشحين اللذين حصلا على أكبر نسبتين من الأصوات من الدور الأوّل، شرط إجراء الدور الثاني في أجل لا يتجاوز أسبوعين من تاريخ الإعلان عن النتائج.

إمكانية سحب الثقة من النائب

وهو من أهم التعديلات التي جاء بها القانون الانتخابي الجديد، حيث خصص الفرع الثامن في فصله 39 عدد 7 فقرات لتفصيل هذا الإجراء الذي بموجبه سيصبح من الممكن سحب الوكالة (التفويض أو الثقة) من النائب في دائرته الانتخابية في حال التقصير في أداء مهامه أو إخلاله بواجب النّزاهة خلال قيامه بواجباته النيابية، أو عدم الوفاء ببرنامجه الانتخابي الذي تقدم به عند الترشح.

ويمكن لعُشر الناخبين المسجلين بالدائرة الانتخابية التي ترشح بها النائب المعني تقديم عريضة سحب الوكالة معللة وممضاة، وفي حال قبول هذه العريضة، تحدد هيئة الانتخابات موعدا لتصويت الناخبين عليها في الدائرة المعنية وتتم دعوة الناخبين المسجلين بهذه الدائرة إلى التصويت بالموافقة أو بالرفض على سحب الوكالة من النائب المعنِي.

وفي حال تصويت الأغلبية المطلقة للناخبين على سحب الوكالة من النائب المعني، يعد المقعد النيابي شاغرا، وبناء على هذا الشغور تحدد هيئة الانتخابات موعدا لانتخابات تشريعية جزئية في الدائرة الانتخابية المعنية لتعويض النائب بآخر، وذلك في أجل لا يتجاوز 3 أشهر.

كما نص المرسوم على أنه لا يمكن سحب الوكالة قبل انقضاء الدورة النيابية الأولى (الدورة النيابية مدتها سنة واحدة) أو خلال الأشهر الستة الأخيرة من المدة النيابية. كما لا يمكن تقديم عريضة سحب الوكالة من النائب إلا مرة واحدة طيلة المدة النيابية.

إقصاء مزدوجي الجنسية

التعديل الذي أدخله قيس سعيد على الفصل 19 يمنع حاملي جنسية أخرى مع الجنسية التونسية من الترشح في دائرة انتخابية داخل التراب التونسي، بالإضافة إلى شرط ينص على ضرورة إقامة المرشح في الدائرة الانتخابية المترشَّح عنها، كما أضيف شرط إثبات خلو المترشح من السوابق العدلية.

وكان القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 -الذي جرى تعديله- ينص في الفصل 19 على أن الترشح لعضوية مجلس نواب الشعب حق لكل ناخبة أو ناخب تونسي الجنسية منذ 10 سنوات على الأقل.

ممنوعون من الترشح

شملت التعديلات في شروط الترشح أيضا الفصل 20، وبذلك تم استثناء كل من أعضاء الحكومة ورؤساء الدواوين وأئمة المساجد ورؤساء الجمعيات الرياضية من الترشح إلا بعد مرور سنة على مغادرتهم لوظائفهم، في حين أن هذا الاستثناء كان يشمل فقط القضاة ورؤساء البعثات والمراكز الدبلوماسية والقنصلية، بالإضافة لمحافظي الولايات والمسؤولين المحليين فيها.

كما تم التنصيص في هذا المرسوم على عدم جواز الترشح في نفس الوقت للانتخابات التشريعية والرئاسية والجهوية والبلدية إذا تزامنت مع بعضها.

إثباتات وتزكيات

أضاف المرسوم 55 لسنة 2022، في الفصل 21 الجديد، مجموعة وثائق على القائمة الموجودة لتقديم الترشحات تتمثل في شهادة لإبراء الذمة من الأداءات الضريبية، بالإضافة إلى شهادة إقامة في الدائرة المراد الترشح فيها، وكذلك وثيقة تثبت خلو المترشّح من السوابق العدلية في الجرائم العمد.

ويفرض القانون في الفصل الجديد تقديم موجز البرنامج الانتخابي للمترشح مشفوعا بقائمة اسمية تضم 400 تزكية موقعة من 200 ناخب و200 ناخبة (من بينهم 25% عن كل جنس من الفئة العمرية الشابة دون سن 35) من المسجلين في الدائرة الانتخابية، ويجب التصديق على هذه التزكيات من السلطات الإدارية المعنية.

الطعون من اختصاص المحاكم الإدارية

أصبح النظر في الطعون بقرارات الهيئة المستقلة للانتخابات بخصوص الترشحات من اختصاصات المحكمة الإدارية التابعة لها الدائرة الانتخابية، وبالنسبة إلى قرارات الهيئة في ما يتعلق بالمرشحين في الدوائر الانتخابية بالخارج، فقد أوكل القانون النظر في طعونها إلى المحكمة الإدارية في تونس العاصمة.

إلغاء التمويل العمومي للحملات الانتخابية

اعتبر إلغاء التمويل العمومي للحملات الانتخابية أحد أبرز التعديلات التي شملت القانون الانتخابي لسنة 2014، بحيث يكون تمويل الحملات في المحطّات الانتخابية القادمة مقتصرا على التمويل الذاتي والموارد الخاصة بالمرشح.

أمّا الفصل 163 الجديد، المتعلق بالتمويل الأجنبي فقد شدد في العقوبات المتعلقة بثبوت حصول مرشح على تمويل أجنبي أو مجهول المصدر لحملته الانتخابية، ونص على فقدانه عضويته بالمجلس المنتخب، ويعاقب بالسجن 5 سنوات مع إلزامه بدفع غرامة تتراوح بين 10 أضعاف و50 ضعفا من مقدار قيمة التمويل الذين أدين بتلقيه.

ويعاقب القانون الجديد أيضا من أدين بتمويل أجنبي أو مجهول بحرمانه من الترشح لأي انتخابات مقبلة من تاريخ صدور الحكم بالإدانة، عوض ما كان عليه الأمر قبل التعديل، حيث كان الحرمان من الترشح لمدة 5 سنوات فقط.

انتخابات جزئية لتعويض الموتى أو العاجزين

كان ينص الفصل 33 من القانون الانتخابي قبل تعديله على أنه في حالة الوفاة أو العجز يقع تعويض المرشح من القائمة التكميلية، التي يكون قد تم تضمينها خلال تقديم مطلب الترشح، ومع التعديل لم تعد هذه الآلية ممكنة، لأن التعديلات قضت بالتخلي عن نظام الاقتراع على القوائم ومن ثم التخلي عن القوائم التكميلية.

الفصل 33 الجديد من المرسوم 55 ينصّ على أنه إذا توفّي أحد المرشحين أو أصيب بعجز تامّ خلال الدورة الأولى أو دورة الإعادة، يُعاد فتح باب الترشّح في الدائرة المعنية وتحديد المواعيد الانتخابية من جديد في أجل لا يتجاوز 45 يوما.

وتبعا لذلك فإن الشّغور النهائيّ لأحد المقاعد بمجلس نوّاب الشعب يفرض تنظيم انتخابات تشريعيّة جزئيّة في الدّائرة المعنيّة في أجل أقصاه 3 أشهر من تاريخ معاينة الشّغور. وذلك باعتبار عدم وجود قائمة فائزة يمكن التعويض منها، كما أضيف لحالات الشغور النهائي حالة جديدة تمّ التنصيص عليها في الفصل 34 الجديد وهي حالة فقدان العضوية بموجب سحب الوكالة.

زيادة عدد الدوائر الانتخابية وتقليص عدد النواب

حسب القانون الانتخابي الجديد لسنة 2022 فقد تمت زيادة عدد الدوائر الانتخابية في مقابل تقليص عدد المقاعد في المجلس النيابي، حيث كان عدد الدوائر في السابق 33 دائرة، 6 منها بالخارج، ويتم انتخاب 217 عضوا للمجلس، ليصبح العدد الإجمالي للمقاعد بالمجلس النيابي بعد التعديل 161 مقعدا بتمثيلية مقعد واحد عن كل دائرة (161 دائرة انتخابية منها 151 داخل التراب التونسي و10 دوائر بالخارج).

تشديد عقوبات الجرائم الانتخابية

شدّد الفصل 161 الجديد العقوبات المتعلقة برشوة الناخبين وشراء أصواتهم والتأثير عليهم بالمال أو أي عطايا. كما يعاقب على عرقلة أي ناخب ومنعه من التصويت، وعلى تسريب أوراق التصويت خارج مكاتب الاقتراع، وتتراوح العقوبة بين السّجن سنتين إلى 5 سنوات وغرامة من ألفين إلى 5 آلاف دينار، مع فقدان المرشح عضويته بالمجلس وحرمانه من الترشّح مدى الحياة، بالإضافة إلى حرمان الناخب المستفيد من العطايا من التصويت لمدة 10 سنوات كاملة بداية من تاريخ التصريح بالحكم النّهائي بالإدانة.

الجريمة الانتخابية نفسها يعاقب عليها دستور 2014 بالسجن من 6 أشهر إلى 3 سنوات وبغرامة مالية من ألف إلى 3 آلاف دينار، كما أضاف الفصل 161 مكرّر في القانون المعدل، عقوبة لكل مرشح يتعمّد النّيل من عرض مرشح آخر أو كرامته أو شرفه أو من انتمائه الجهويّ أو المحليّ أو العائليّ، وهي السّجن من سنتين إلى 5 سنوات مع إلغاء الأصوات التي تحصّل عليها.

المصدر : الجزيرة