دق طبولها في حملته الانتخابية.. هل يكسب الرئيس الكيني حربه الاقتصادية ضد الصين؟

African Union holds annual heads of state and government summit in Addis Ababa
الرئيس الكيني وليام روتو وعد في حملته الانتخابية بشن حرب على الصينيين الموجودين في بلاده (رويترز)

نيروبي – لم يكد يمر أسبوع بعد قرار وزير التجارة الكيني موسى كوريا المثير إغلاق المركز التجاري الصيني في نيروبي المعروف باسم "تشاينا سكوير" (China Square) وما خلفه من تبعات، حتى عاد المركز للعمل بعد ضغوط هائلة مارستها بكين على الحكومة الكينية.

ففي 26 فبراير/شباط الماضي، أصدر وزير التجارة الكيني قرارا بغلق المركز التجاري الصيني في نيروبي بسبب بيع بضائع تقل أسعارها كثيرا عن أثمنة تلك البضائع لدى تجار التجزئة الكينيين الذين أصبحوا غير قادرين على المنافسة، ودعا الوزير التجار الصينيين لتسليم عقود إيجار محلاتهم إلى التجار الكينيين.

ولاحقا، نظم التجار الكينيون مسيرة إلى مكتب نائب الرئيس وإلى البرلمان لتقديم التماس بعدم إعادة فتح المركز الصيني. إلا أن السفارة الصينية وغرفة التجارة نجحتا في الضغط على الحكومة الكينية ليستأنف المركز التجاري أعماله بعد أسبوع من التوقف وبالأسعار نفسها، التي تفيد وسائل إعلام محلية بأنها أقل بـ45% عن تلك المعروضة في محلات الكينيين.

أعادت هذه الحادثة إلى الأذهان تعهد الرئيس وليام روتو أثناء حملته لانتخابات الرئاسة، التي جرت في أغسطس/آب الماضي، بشن حرب على الصينيين الموجودين في بلده حال فوزه بالرئاسة، وطردهم من وظائفهم التي حرموا منها الكينيين.

علاقات قوية بالغرب

ووفقا للمحلل السياسي جون تشارو، فإن إدارة روتو ينظر إليها على أنها موالية للغرب على عكس سلفه أوهورو كينياتا الذي طوّر علاقات أقوى مع الصين.

وبالفعل، اتجه روتو في سياسته الخارجية نحو واشنطن. إذ التقى هو ونائبه ريغاتي غاتشاغوا بمسؤولين أميركيين رفيعي المستوى حوالي 20 مرة منذ توليه منصبه في سبتمبر/أيلول الماضي، في حين التقى الرئيس بالسفير الصيني مرتين فحسب. كما حرص على لقاء رئيس الوزراء البريطاني على هامش قمة المناخ "كوب 27" في مصر، إضافة لسفره إلى باريس للقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون منذ شهرين.

وفي هذا الصدد، يرى المحامي وخبير الحوكمة جافاس بيغامبو أن الغرب يثق في سياسات روتو لأنه سعى في ولايته الأولى كنائب للرئيس أوهورو كينياتا، بين عامي 2013-2017، إلى تغليب مصالح الغرب على حساب الصين، إلا أن ابتعاده عن دائرة القرار في ولايته الثانية بين عامي2017-2022 بسبب خلافاته مع الرئيس، أعطى الفرصة لصعود الشركات الصينية.

الصين تسيطر على المشروعات الكبرى

وشهد الحضور الاقتصادي للصين في كينيا تطورا ملحوظا في عهد الرئيس السابق كينياتا (2013-2022). فقد تحصلت الصين في تلك الفترة على عقود بناء مشاريع كبرى مثل مشروع السكة الحديد الذي بلغت تكلفته أكثر من 3 مليارات دولار، وطريق نيروبي السريع الذي بلغت تكلفته قرابة 68 مليون دولار.

وفيما يتعلق بالتجارة، قدّر المسح الاقتصادي لعام 2022 قيمة الواردات من الصين بـ2.15 تريليون شلن كيني (نحو 15 مليار دولار) في عام 2021، في حين قدرت قيمة صادرات كينيا إلى الصين بـ10 مليارات شلن (نحو 76 مليون دولار). كما قامت حكومة الرئيس السابق في الأشهر الأخيرة من ولايته بتوقيع مذكرة تفاهم مع الشركة الصينية "هواوي" (HUAWEI) لتركيب شبكة الجيل الخامس من الهواتف المحمولة.

ورغم ما أظهرته بيانات وزارة الخزانة من أن إجمالي القروض الصينية انخفض إلى 6.83 مليارات دولار في يونيو/حزيران الماضي من 7.05 مليارات دولار قبل عام، و3 مليارات دولار في عام 2016، فإن الديون الصينية ما زالت تمثل ثلث مجموع الدين الخارجي لكينيا.

وفي محاولة للتخفيف من تلك الديون، وافق صندوق النقد الدولي في ديسمبر/كانون الأول الماضي على تقديم أولى دفعات قرض لكينيا بقيمة 447.39 مليون دولار لدعم الموازنة العامة، وبحسب الصندوق ستحصل الحكومة الكينية على قرض بإجمالي 2.34 مليار دولار، يتم تسديدها على أقساط لمدة 38 شهرا.

ويظل التخلص من النفوذ الاقتصادي الصيني -خصوصا تسديد الديون- أحد أهم تحديات الرئيس الكيني وليام روتو، الذي يعتمد على الغرب للوصول لهذا الهدف.

وفي هذا الصدد يؤكد الخبير في الشؤون الأفريقية رامي زهدي، في تصريح صحفي سابق، أن الصين نجحت مؤخرا في أن تسبق الجميع في مجال التعاون الاقتصادي مع دول أفريقيا بشكل عام، لكن في الحالة الكينية، لن يتنازل الغرب عن كينيا كحليف إستراتيجي، لذلك تحاول القوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة تحقيق حضور اقتصادي فعال في هذا البلد الأفريقي لأن فقدان النفوذ السياسي في هذه الحالة قد يكون مكلفا جداً من الناحية الجيوستراتيجية للغرب.

المصدر : الجزيرة