بإقليم السيداما الوليد.. إثيوبيا تحتفل بيوم الشعوب والقوميات الإثيوبي الـ17

الألاف إحتشدت بميدان أواسا
أعداد غفيرة من الإثيوبيين احتشدوا بميدان أواسا للاحتفال بيوم الشعوب والقوميات الإثيوبية الـ17 (مواقع التواصل)

احتفلت إثيوبيا أمس الخميس بيوم الشعوب والقوميات الإثيوبية الـ17 بمدينة أواسا حاضرة إقليم السيداما الوليد جنوبي البلاد، تحت شعار "الوحدة الوطنية من أجل السلام المستدام"، وسط مشاركة رسمية وشعبية تقدمها رئيس الوزراء آبي أحمد ونائبه دمقي مكونن، ورئيس المجلس الفدرالي الإثيوبي أغيجنهو تشاغر، ونائب رئيس حزب الازدهار الحاكم آدم فرح، وكبار المسؤولين الحكوميين بينهم حكام أقاليم إثيوبيا، وقادة المجتمع ممثلين لمختلف أقاليم إثيوبيا الـ11.

وأمام الآلاف التي احتشدت بملعب مدينة أواسا (270 كلم جنوب العاصمة أديس أبابا) احتفالا بيوم الشعوب والقوميات، تعهد آبي أحمد بالعمل من أجل ازدهار إثيوبيا ووحدتها، وقال سنحقق ازدهار بلادنا من خلال تعزيز الوحدة والحب والاندماج، مضيفا "سنتغلب على التحديات التي نواجهها وسنواصل تعزيز العمل لبناء إثيوبيا وازدهارها ووحدة شعبها".

وأوضح آبي أحمد، الذي يشارك لأول مرة في الاحتفالية حيث ظلت تشرف الحفل رئيسة البلاد سهل ورق، أن يوم الشعوب والقوميات هو يوم لإظهار الثقافة والتاريخ والتراث والقيم والفخر المشترك لجميع الإثيوبيين، مضيفا أن إثيوبيا هي موطننا جميعًا ونحن بحاجة لخلق سياق مشترك لتعزيز الوحدة والتعايش.

وشدد آبي أحمد، في كلمته بالاحتفال، على أهمية المحافظة على قيم التعايش والسلام والاحترام بين شعوب إثيوبيا، مؤكدا أن شعوب وقوميات إثيوبيا تعرف بالتسامح والتعايش، وأن هذه قيمنا التي نفاخر بها بين شعوب العالم، قائلا إن إثيوبيا دولة قوية وقادرة على أن تصمد أمام التحديات، وإن حكومته تبذل جهودًا كبيرة لجعل السلام الذي تشهده شمال إثيوبيا مستدامًا وآمنًا.

يوم الشعوب والقوميات

وبدأت إثيوبيا البالغ سكانها نحو 120 مليون نسمة من 83 قومية، الاحتفال بـ"يوم الشعوب والقوميات" منذ عام 2005، في الثامن من ديسمبر/كانون الأول من كل عام، بعد التصديق على الدستور الفدرالي في العام 1994، والذي أقر المساواة بين القوميات والشعوب الإثيوبية.

وينظم الاحتفال سنويا بأحد أقاليم البلاد تأكيداً على تحقيق القيم التي من أجلها أسس المهرجان، وإبراز الشعوب والقوميات، والتعريف بموروثاتها وعاداتها وتقاليدها، حيث تسعى إثيوبيا لإرساء قيم التعايش والتسامح والإخاء بين شعوبها.

حكاية الإقليم الوليد

وفي الرابع من يوليو/تموز 2020 تسلمت قومية السيداما إقليما باسمها من مجلس إقليم شعوب جنوب إثيوبيا الذي انفصلت عنه، بعد عملية استفتاء تمت عام 2019، صوّت فيها الناخبون بنسبة 97.7% لصالح تأسيس الإقليم، وشكلت أول حكومة بتعيين أعضاء مجلسه التشريعي (برلمان الإقليم) البالغ عددهم 190 عضوا، واختيار رئيس للبرلمان وحاكم للإقليم.

وعبر ساداما ليدامو حاكم إقليم السيداما عن سعادته لاحتضان يوم الشعوب والقوميات الإثيوبية، وقال نحن بحاجة إلى تعزيز وحدتنا من خلال حماية قيمنا المتنوعة.

وأوضح ليدامو، خلال كلمة له بالاحتفال، أن حكومته استطاعت منذ تشكيلها العام الماضي أن تجعل من الإقليم بوتقة تنصهر فيها جميع الشعوب والقوميات الإثيوبية من خلال إبراز السلام والوحدة القومية، داعيا للعمل على تطوير واستخدام النعم التي تزخر بها إثيوبيا وتعزيز الوحدة الداخلية لتحقيق هدف بناء دولة قوية.

وقال الباحث هابتام أيالو إن شعب السيداما ظل متمسكا بمطلب إقامة إقليم خاص به أكثر من قرن، ليتحقق حلمهم أخيرا في عهد حكومة رئيس الوزراء آبي أحمد الذي لب مطالبهم.

وأوضح أيالو للجزيرة نت أن آبي أحمد يعد أول رئيس حكومة يقرر منح قومية إقليما خاصا بها، مشيرا إلى أنه أيضا منح 4 قوميات إقليما باسم "إقليم جنوب غرب إثيوبيا" في العام 2020، وذلك وفق الدستور الإثيوبي بعد مصادقة البرلمان عليها.

ويكفل الدستور الإثيوبي لكل الجماعات والقوميات حق التصويت على إقامة إقليم جديد إذا طلبت ذلك، ويضمن لها حقوقا مثل جباية بعض الضرائب واختيار اللغة الرسمية، وإدارة قوات أمن خاصة، وسن قوانين بشأن قضايا مثل التعليم وإدارة الأراضي.

وأقاليم إثيوبيا الـ11 التي تتمتع بحكم ذاتي هي أوروميا، وأمهرة، وتغراي، الصومال الإثيوبي، وعفار، وبني شنقول جموز، وجامبيلا، وهرر، وشعوب جنوب إثيوبيا الذي تولد عنه إقليما السيداما وجنوب غرب إثيوبيا، إضافة إلى إدارتي مدينة أديس أبابا ودريداوا المستقلتين.

83 قومية بإثيوبيا أبرزها أورومو وأمهرة و تيغراي

وشهدت الاحتفالية التي تهدف لتعزيز الوحدة الإثيوبية والسلام الدائم والازدهار، عروضا ثقافية ومعارض تراثية وحلقات نقاشية تعريفية بثقافة القوميات الإثيوبية بمشاركة 83 قومية بعاداتها وتقاليدها وتراثها، أبرزها أورومو وأمهرة وتيغراي والصومال، بجانب السيداما التي استضافت الاحتفالية.

قومية أورومو

تعد قومية أورومو أكبر مجموعة عرقية في البلاد، حيث تتركز وسط إثيوبيا في إقليم باسمها يعتبر هو الآخر أكبر أقاليم البلاد مساحة، ويشكل أتباعها (أورومو) نحو 40% من عدد السكان البالغ نحو 120 مليون نسمة.

تتحدث أورومو اللغة الأورومية، ويعملون بالزراعة والرعي، ولهم نظام إداري اجتماعي محلي يعرف بـ "غدا"، تتعامل به في حل النزاعات والصراعات منذ أكثر من 150 عاما، فهو تقليد اجتماعي إداري قديم لشعب أورومو في إثيوبيا، وبعض الشعوب في شمال كينيا، وتم تسجيله ضمن قائمة اليونسكو للتراث غير المادي في العام 2017.

أمهرة

تشكل قومية أمهرة شمالي البلاد ثاني أكبر مجموعة عرقية في البلاد، ويتحدثون اللغة الأمهرية، وهي اللغة الرسمية لإثيوبيا، ويمثلون 27% من السكان، وتعود أصول أمهرة إلى سام الابن الأكبر لنوح الذي وردت قصته في العهد القديم وفق المعتقد التقليدي لهذه القومية.

تيغراي

تأتي قومية تيغراي شمالي البلاد في المرتبة الثالثة ضمن المجموعات الكبرى للقوميات الإثيوبية، بنسبة سكان تقدر بـ7%، وتتميز مناطقهم بإرث ديني وثقافي متنوع، وتضم تاريخ وقبر الملك النجاشي (أصحمة)، وما لعبه من دور خلال هجرة المسلمين إلى أرض الحبشة، فضلا عن احتضان ممكلة أكسوم المسيحية بآثارها التاريخية.

وللتيغراي حضور سياسي قوي على مدار التاريخ، ومؤخرا استمر نظام حكمهم فترة قاربت 3 عقود حتى 2018، منذ تولي رئيس الوزراء الأسبق الراحل ملس زيناوي منصبه في العام 2012.

القومية الصومالية

تعد القومية الصومالية بإثيوبيا رابع قومية في الترتيب بنسبة 6.1% من تعداد الشعب الإثيوبي، وإن كان بعضهم يرى أن نسبتهم أكثر من ذلك، وربما تنافس تيغراي في بعض التصريحات غير الرسمية.

وترتكز القومية الصومالية التي تنقسم إلى عشائر، في منطقة أوغادين شرقي البلاد (إقليم الصومال الإثيوبي)، وتحظى منطقتهم بثروة حيوانية من الإبل والماشية، وقد اكتشف فيها مؤخرا البترول.

شعوب جنوب إثيوبيا

أما إقليم شعوب جنوب إثيوبيا ففيه أكثر من 50 قومية بعد انفصال قومية السيداما كأكبر قومية بالإقليم، الذي انفصلت عنه أيضا 4 قوميات أخرى أطلقت على نفسها إقليم جنوب غرب إثيوبيا.

وشعب "السيداما" الذي يتحدث لغة "سيدامو" الكوشية، يقدر بنحو 4 ملايين نسمة من إجمالي عدد سكان إقليم شعوب جنوب إثيوبيا الذي انفصلت عنه، والذي يقدر سكانه بـ17 مليون نسمة.

وتمتهن "السيداما" حرفة الزراعة خاصة البن وتربية المواشي، بالإضافة إلى مهن أخرى كثيرة، ربما تكون هي ضمن دعائم الإقليم الوليد.

وأبرز القوميات في إقليم شعوب جنوب إثيوبيا هي: الولايتا، وقوراقي، وسلطي، وهديا، وحلابا، وقامو، والهمار، وقوميات أخرى يضمها الجنوب والغرب والوسط بنسب متفاوتة.

قوميات أخرى

وهناك العديد من القوميات كقومية عفر شرقي البلاد، في منطقة تعرف بالمثلث العفري الذي يربطها بدولتي إريتريا وجيبوتي، بجانب قوميات بني شنقول غمز في إقليم يحمل الاسم نفسه ويضم 5 قوميات إثيوبية لها امتدادات مع السودان.

وقوميات هرر في شرقي البلاد، وغامبيلا غربي البلاد والتي تمتد مع قوميات في جنوب السودان.

المصدر : الجزيرة