شعار قسم مدونات

سورة البقرة وفضل قراءتها

Opened holy book quran in pages of fatiha and bakara recitations
سنام القرآن وفسطاط القرآن ومن أعظم السور لأنها فصلت فيها الأحكام وضربت فيها الأمثال (غيتي)

في سورة البقرة فضائل وبركات جليلة وعظيمة، تصلح من حال المسلم، وتهذب من أخلاقه وصفاته الحسنة الكريمة، فالإسلام حث المؤمن على المداومة على قراءة القرآن الكريم. فالمؤمن يحرص على المواظبة على قراءة سورة البقرة بشكل مستمر، رغم أنه ليس هنالك وقت محدد تلزم فيه قراءة سورة البقرة، فيجوز للمسلم أن يقرأها كل يوم، أو كل يومين، أو كل أسبوع مرة، كما أن المولى عز وجل لم يخصها بشهر من الشهور ولا بيوم من الأيام، غير أن الإكثار من قراءتها والمداومة عليها، أمر مرغب فيه، ومأجور عليه فاعله، كما أن التدبر في آيات هذه السورة الكريمة يقرب العبد من ربه، ويمكنه من استجلاء معاني عظيمة وقيم رفيعة.

عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَنْ قَرَأ حَرْفاً مِنْ كِتاب الله فَلَهُ حَسَنَة، والحَسَنَة بِعَشْرِ أمْثَالِها، لا أقول: ألم حَرفٌ، ولكِنْ: ألِفٌ حَرْفٌ، ولاَمٌ حَرْفٌ، ومِيمٌ حَرْفٌ».

سنام القرآن وفسطاط القرآن ومن أعظم السور، لأنها فصلت فيها الأحكام، وضربت فيها الأمثال، وأقيمت بها الحجج، ولم تشتمل سورة على ما اشتملت عليه سورة البقرة، وكثيرة أسماء وأوصاف التشريف لهذه السورة العظيمة التي تأتي في صدر كتاب الله العزيز. ونقل عن ابن كثير: "في سورة البقرة ألف أمر، وألف نهي، وألف خبر، ولعظم فقهها أقام عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما، 8 سنين على تعلمها"، كذا في "أسئلة الحكم" (1).

وسورة البقرة أطول سورة في القرآن، وهي مدنية، وتعنى كغيرها من السور المدنية بالتشريع المنظم لحياة المسلمين في المجتمع الجديد بالمدينة، مجتمع الدين والدولة معا، فلا يتفاضل أحدهما على الآخر، وإنما هما متلازمان تلازم الجسد والروح، لذا كان التشريع المدني قائما على تأصيل العقيدة الإسلامية، ومبدؤها الإيمان بالله وبالغيب وبأن مصدر القرآن هو الله عز وجل، والاعتقاد الجازم بما أنزل الله على رسوله وعلى الأنبياء السابقين، وبأن العمل الصالح ترجمان ذلك الإيمان ويتمثل بعقد صلة الإنسان مع ربه بواسطة الصلاة، ويتحقق أصول التكافل الاجتماعي بواسطة الإنفاق في سبيل الله عز وجل (2).

وتحدثت السورة عن صفات المؤمنين والكافرين والمنافقين، لعقد مقارنة بين أهل النجاة وبين أهل الدمار والهلاك، كما يقتضي التحدث عن قدرة الله عز وجل ببدء الخليقة وتكريم آدم أبي البشر بسجود الملائكة وترتيب المولى ما حدث معه وزوجه في الجنة، ثم الهبوط إلى الأرض (3).

وفي قول الشيخ ابن عثيمين فإن غالب السور المدنية يكون فيها تفصيل أكثر من السور المكية، ويكون التفصيل فيها في فروع الإسلام دون أصوله، وتكون غالبا أقل شدة في الزجر والوعظ والوعيد، لأنها تخاطب قوما كانوا مؤمنين موحدين قائمين بأصول الدين، ولم يبق إلا أن تبين لهم فروع الدين ليعملوا بها، وتكون غالبا أطول آيات من السور المكية (4).

سميت السورة الكريمة بسورة (البقرة) إحياء لذكرى تلك المعجزة الباهرة التي ظهرت في زمن موسى الكليم عليه السلام

تعريف سورة البقرة في تفسير حدائق الروح

سورة البقرة مدنية كلها، نزلت بعد المطففين في مدد شتى، وهي أول ما نزل بالمدينة. قيل: إلا قوله تعالى: "واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله" الآية، فإنها آخر آية نزلت من السماء، نزلت يوم النحر في حجة الوداع بمنى، وآيات الربا أيضا من أواخر ما نزل من القرآن، ذكره القرطبي في تفسيره.

وهي 286 أو 287 آية، و6121 كلمة، و25 ألفا و500 حرف (5).

وأما التسمية: سميت السورة الكريمة بسورة البقرة إحياء لذكرى تلك المعجزة الباهرة التي ظهرت في زمن موسى الكليم عليه السلام، حيث قتل شخص من بني إسرائيل ولم يعرفوا قاتله إلى آخر ما سيأتي. وسيأتي بيان الناسخ والمنسوخ منها في آخرها، إن شاء الله تعالى (6).

تعريف عام بسورة البقرة من كلام عبد الله دراز صاحب النبأ العظيم

اعلم أن هذه السورة على طولها تتألف وحدتها من: مقدمة، و4 مقاصد، وخاتمة. على هذا الترتيب:

  • "المقدمة" في التعريف بشأن هذا القرآن، وبيان أن ما فيه من الهداية قد بلغ حدا من الوضوح لا يتردد فيه ذو قلب سليم. وإنما يعرض عنه من لا قلب له، أو من كان في قلبه مرض.
  • "المقصد الأول" في دعوة الناس كافة إلى اعتناق الإسلام.
  • "المقصد الثاني" في دعوة أهل الكتاب دعوة خاصة إلى ترك باطلهم والدخول في هذا الدين الحق.
  • "المقصد الثالث" في عرض شرائع هذا الدين تفصيلا.
  • "المقصد الرابع" ذكر الوازع والنازع الديني الذي يبعث على ملازمة تلك الشرائع وينهى عن مخالفتها.
  • "الخاتمة" في التعريف بالذين استجابوا لهذه الدعوة الشاملة لتلك المقاصد وبيان ما يرجى لهم في آجلهم وعاجلهم (7).

عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن لكل شيء سناما، وإن سنام القرآن البقرة، وإن من قرأها في بيته ليلة لم يدخله الشيطان 3 ليال" رواه الطبراني

ثالثا: أحاديث نبوية في فضل سورة البقرة

  • عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تجعلوا بيوتكم قبورا فإن البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة لا يدخله الشيطان" (رواه مسلم وأحمد والترمذي والنسائي وقال الترمذي: حسن صحيح).
  • وعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن لكل شيء سناما، وإن سنام القرآن البقرة، وإن من قرأها في بيته ليلة لم يدخله الشيطان 3 ليال" (رواه الطبراني وابن حبان وابن مردويه عن سهل بن سعد).
  • وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثا -وهم ذوو عدد- فاستقرأ كل واحد منهم ما معه من القرآن، فأتى على رجل من أحدثهم سنا فقال: ما معك يا فلان؟ فقال: معي كذا وكذا وسورة البقرة، فقال: أمعك سورة البقرة؟ قال: نعم، قال: اذهب فأنت أميرهم (رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه).

رابعا: أطول سورة وأطول آية وأطول كلمة

فإن قلت: أي سورة أطول في القرآن، وأيها أقصر؟ وأي آية أطول وأيها أقصر؟، وأي كلمة أطول وأيها أقصر؟

قلت: أطول سورة في القرآن: البقرة، وأقصرها: الكوثر، وأطول آية: آية الدين، وأقصرها آية: "والضحى" و"والفجر" و"مدهامتان"، وأطول كلمة: ما بلغ 10 أحرف، نحو قوله تعالى: "ليستخلفنهم" وقوله: "أنلزمكموها"، وأما قوله: فأسقيناكموه فهو 10 أحرف في الرسم، و11 في اللفظ. وأقصرها: ما كان على حرفين نحو: ما، ولا، وله، وبه وما أشبه ذلك، ومن حروف المعاني ما هو على حرف واحد، كهمزة الاستفهام، وواو العطف إلا أنه لا ينطق به مفردا (8).

وجهت السورة نداء إلى الناس جميعا دعتهم فيه إلى عبادة الله وحده، وأقامت لهم الأدلة الساطعة على صدق هذه القضية، وتحدتهم -إن كانوا في ريب من القرآن- أن يأتوا بسورة من مثله

مقاصد سورة البقرة وخلاصاتها عند الشيخ علي الطنطاوي

مقاصدها: عندما نفتح كتاب الله، فنطالع فيه سورة البقرة بتدبر وعناية، نراها في مطلعها تنوه بشأن القرآن الكريم، وتصرح بأنه حق لا ريب فيه، وتبين لنا أن الناس أمام هدايته على 3 أقسام:

  • قسم آمن به وانتفع بهداياته، فكانت عاقبته السعادة والفلاح. "أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون"
  • قسم جحد واستكبر واستحب العمى على الهدى، فأصبح لا يرجى منه خير ولا إيمان، فكانت عاقبته الحرمان والخسران. "ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم"
  • ثم فصلت السورة الحديث عن قسم ثالث هو شر ما تبتلى به الأمم، وهم المنافقون الذين يظهرون خلاف ما يبطنون. وقد تحدثت السورة عنهم في 13 آية، كشفت فيها عن خداعهم، وجبنهم، ومرض قلوبهم، وبينت ما أعده الله لهم من سوء المصير، ثم زادت في فضيحتهم وهتك سرائرهم فضربت مثلين لحيرتهم واضطرابهم، قال تعالى: "ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين. يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون".

إلى أن يقول: "ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير".

ثم وجهت السورة نداء إلى الناس جميعا دعتهم فيه إلى عبادة الله وحده، وأقامت لهم الأدلة الساطعة على صدق هذه القضية، وتحدتهم -إن كانوا في ريب من القرآن- أن يأتوا بسورة من مثله. وبينت لهم أنهم لن يستطيعوا ذلك لا في الحاضر ولا في المستقبل.

ثم ختم الربع الأول منها ببشارة الذين آمنوا وعملوا الصالحات بأن لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار، جمعت لذائذ المادة والروح، وهم فيها خالدون. ثم قررت السورة الكريمة أن الله تعالى لا يمتنع عن ضرب الأمثال بما يوضح ويبين دون نظر إلى قيمة الممثل به في ذاته أو عند الناس، كما قررت أن المؤمنين يقابلون هذه الأمثال بالإيمان والإذعان، أما الكافرون فيقابلونها بالاستهزاء والإنكار.

أفاضت السورة في الحديث عن مظاهر قدرة الله ووحدانيته، وأقامت على ذلك من الأدلة ما يشفي الصدور، ويطمئن القلوب، ويزيد المؤمنين إيمانا

وقد وبخت السورة بعد ذلك أولئك الكافرين على كفرهم، مع وضوح الدلائل على وحدانية الله في أنفسهم وفي الآفاق فقالت:

"كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم، ثم يحييكم، ثم إليه ترجعون. هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا، ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم".

ثم ذكرت السورة بعد ذلك جانبا من قصة آدم، وقد حدثتنا فيه عن خلافته في الأرض، وعما كان من الملائكة من استفسار بشأنه، وعن سكنه وزوجه الجنة، ثم عن خروجهما منها بسبب أكلهما من الشجرة المحرمة.

"وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة، قالوا: أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك، قال: إني أعلم ما لا تعلمون".. إلى آخر الآيات الكريمة.

ثم فصلت السورة الحديث عن الحج، فتحدثت عن جانب من آدابه وأحكامه، وحضت المسلمين على الإكثار من ذكر الله، وأن يتجنبوا التفاخر بالأحساب والأنساب، وأن يرددوا في دعائهم قوله- تعالى: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار".

وفي الربع الـ13 نراها تبين لنا ألوان الناس في هذه الحياة، وأن منهم من يسعى في الإفساد وإهلاك الحرث والنسل، فإذا ما نصح أخذته العزة بالإثم، وتمادى في طغيانه وإفساده، وأن منهم من يبيع نفسه عن طواعية واختيار ابتغاء مرضاة الله.

وفي الربع الـ17 منها أفاضت في الحديث عن مظاهر قدرة الله ووحدانيته، وأقامت على ذلك من الأدلة ما يشفي الصدور، ويطمئن القلوب، ويزيد المؤمنين إيمانا، استمع إلى آية الكرسي وهي تصور عظمة الله وقدرته فتقول: "الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم، له ما في السماوات، وما في الأرض، من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه، يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم، ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض، ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم".

رمضان في سورة البقرة

تحدث السورة في الآيات (183-187) عن فرضية الصيام على المؤمنين كما كتب على الذين من قبلهم في قوله: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴿183﴾ في أيام معدودات تتنزل فيها الرحمات والبركات وهي أيام شهر رمضان الفضيل الذي يحل علينا في هذه الأيام المباركة في قوله: "أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ ۚ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ ۚ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ ۖ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿184﴾. ثم تسترسل الآيات والتي توضح أن القرآن الكريم أنزل في هذا الشهر العظيم في قوله: "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴿185﴾".

تحدثت السورة عن الديون والرهون، فصاغت للمؤمنين دستورا هو أدق الدساتير المدنية في حفظ الحقوق وضبطها وتوثيقها بمختلف الوسائل، ثم ختمت السورة حديثها الجامع عن العقائد والشرائع والآداب والمعاملات

وبعد هذا الحديث عن مظاهر قدرة الله ساقت السورة في أواخرها أنماطا من التوجيهات التي تسعد المجتمع، وتنزع الأحقاد من قلوب الأفراد، فقد حضت المسلمين في جملة من آياتها على الإنفاق والإحسان، وضربت لذلك أروع الأمثال ونهتهم عن المن والأذى، وصرحت بأن الكلمة الطيبة للسائل خير من العطاء الذي تتبعه الإساءة.

"قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم".

وقد تحدثت السورة عن الديون والرهون، فصاغت للمؤمنين دستورا هو أدق الدساتير المدنية في حفظ الحقوق وضبطها وتوثيقها بمختلف الوسائل، ثم ختمت السورة حديثها الجامع عن العقائد والشرائع والآداب والمعاملات، بذلك الدعاء الخاشع: "ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا، ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به، واعف عنا واغفر لنا وارحمنا، أنت مولانا، فانصرنا على القوم الكافرين".

تلك هي سورة البقرة، أرأيت وحدتها في كثرتها؟ أعرفت اتجاه خطوطها في لوحتها؟ أرأيت كيف التحمت لبناتها وارتفعت سماؤها بغير عمد تسندها؟ أرأيت كيف ينادى كل عضو فيها بأنه قد أخذ مكانه المقسوم وفقا لخط جامع مرسوم، رسمه مربي النفوس ومزكيها، ومنور العقول وهاديها ومرشد الأرواح وحاديها. فتالله لو أن هذه السورة رتبت بعد تمام نزولها، لكان جمع أشتاتها على هذه الصورة معجزة، فكيف وكل نجم منها كان يوضع في رتبته من فور نزوله، وكان يحفظ لغيره مكانه انتظارا لحلوله. وهكذا كان ما ينزل منها معروف الرتبة، محدد الموقع قبل أن ينزل.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.