شعار قسم مدونات

هنا القدس.. هنا الجزيرة

Shireen AbuAqla شيرين ابو عاقلة المصدر: مواقع التواصل
شيرين ابو عاقلة (مواقع التواصل الاجتماعي)

المهنية عنوان براق لامع، لكن ما أجمله وهو يتوقد في رباط مراسلي الجزيرة الثابت على الكلمة، رباط معنوي، يوازي رباط مرابطي الأقصى، فأنت ترى مراسلي الجزيرة مرابطين، تلازمهم كلمة القدس تتبع أسماءهم، ومرابطو الأقصى، يلازمهم اسمه، وكلاهما وسام عز، وعنوان فخر.

أن تمشي في طرق سار فيها الأنبياء لتحكي حكايتها، وترسم للناس لوحات زواياها المغسولة بالشمس، فهي مهمة تحتاج عملا بروح الرباط، الرباط عند الكلمة، حراسة لثغرها، وصيانة لعهدها، وإفناء للوقت، والطاقة فيها، وإدراك لامتدادها بلا حد.

أن تمشي حيث سار الأنبياء، فهذا نضال مع النفس ترقيا، واكتسابا للنبل، أن تقف تحت الأقواس القديمة التي عبرها العلماء والزهاد، الفاتحون، والأوغاد، العاديون، والمميزون، الصادقون، والمزيفون، فهذه مهمة كبيرة، نجح مراسلو الجزيرة في أن يعبروها باختيار الثبات على المبدأ، ونجحوا فيه.

المهنية في ضبط كل كلمة، في صراع ممتد بين الأقصى بقدسيته، وأكلة الفلافل بشعبيتها، فهذا تحد كبير، ومراسلو الجزيرة نجحوا فيه أيضا، ونجحوا بامتياز كامل، أن تبقى عواطفهم وإنسانيتهم مؤجلة، مكتومة وإن ظهرت، بادية وإن خفت، فهذا تحد آخر، نجحوا فيه.

هذا الثابت كأقواس الأقصى، وبوابات مسجد عمر، وشموخ جبل المكبر، جعل الطرف الآخر يحتار، يضايق العمري، فيخرج على الشاشة هادئا، يسجل الواقعة في دفتر يومياتنا، ويومياته، يزعج كرام، فيخرج بعينيه السوداوين ورأسه الأشيب تاركا الأمر وراء ظهره، يرش الماء الآسن على نجوان سمري، فتتأفف، تنزعج، لكنها تبقى في مكانها، وتواصل، يعتقل جيفارا، فتعانده، فيضربها، ويعتقلها، وتخرج مرفوعة الرأس، ماذا يبقى إذن؟

يجب إذن أن تصل الرسالة بشكل أوضح.. فتغتال شيرين برصاصة تمضي من تحت الخوذة لمكان قاتل، لا أوضح من هذه الرسالة، لكن الترجمة الصحيحة في مفهوم مراسلي الجزيرة: في البدء الكلمة، وفي الختام الكلمة، وبينهما التحدي، وبقاء الحق مرهون بالكلمة لا الأشخاص، بالأرواح لا الأشباح، وعليه.. سنواصل: هنا الجزيرة.. هنا القدس.

كالمرابطين، هناك في قلب القلب، يتنقل مراسلو الجزيرة في القدس من مكان لآخر فيها، وحولها، فحولها يدندنون، مع كل زاوية، وحجر، وشجرة زيتون، ونبتة صبار، وغرزة ثوب فلسطيني، ولفة كوفية، ورشقة حجر، وتلاوة قرآن، وشمعة بكنيسة.. ستجدهم هناك، يخبرونك أنهم باقون، وأنهم مرابطون.

رباط ممتد فهو معنوي، يرافق صاحبه، ويحمله معه، لا يحتاج أبدا لبقاء في مكان واحد، بل يحتاج بقاء على المبدأ، وثباتا فيه، ومضيا عليه..

قبة الصخرة خوذكم، وجدران الأقصى دروعكم..

مسارب الضوء في جنباته نور أعينكم..

في حفظ الله كنتم ودمتم..

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.