لماذا توجد الأغاني في معظم أفلام بوليود وتغيب عن أعمال هوليود؟

تطورت الأغاني في السينما الهندية حتى أصبح من النادر وجود فيلم هندي دون أغان ورقصات استعراضية فيه (مواقع التواصل الاجتماعي)

إذا كنت تشاهد أفلام "بوليود" (Bollywood) و"هوليود" (Hollywood) ستلاحظ حتما الكثير من الاختلافات في القصة والحبكة والسيناريو والحوار والتمثيل؛ فمثلا في الأفلام الهندية ستجد الأغاني والرقصات والألوان بمعظم أعمالها، بالمقابل لا تجد ذلك في الأفلام الأميركية باستثناء الموسيقية منها، لماذا؟

إذا نظرنا إلى أفلام هوليود المقدمة في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، كانت هناك الكثير من الأغاني، لكن هوليود تخلّت إلى حد كبير عن إدخال أغنية إلزامية في أفلامها الصيفية، باستثناء الأفلام العائلية في الأعمال المقدمة في التسعينيات. أما بالنسبة إلى الأفلام الهندية، فتُعد الأغاني في صميمها، ولهذا أسباب استعرضتها المواقع الفنية والهندية.

الأغاني في أفلام هوليود

كانت هناك علاقة وطيدة بين موسيقى البوب والأفلام الأميركية في الخمسينيات والستينيات، وكانت الأغاني جزءا أساسيا من الأفلام. وحسب مجلة "ذا أتلانتيك" (The Atlantic) الأميركية، فقد كانت أغاني الأفلام ذات الموسيقى التصويرية والتي تعرض في مسرح "برودواي" بمدينة نيويورك، ضمن الألبومات الأكثر مبيعا في الولايات المتحدة بين عامي 1957 و1964، وقد لعبت السينما دورا مهما في شهرة الأغاني في تلك الفترة وحتى الثمانينيات، إذ كان للشاشة الكبيرة فضل في وصول أغان إلى قائمة "أفضل 40 أغنية".

وعلى الرغم من تقلّص نطاق الموسيقى والأغاني في الأفلام خلال التسعينيات، فإن بعض أغاني الأفلام كانت تحصد مشاهدات قياسية، فمثلاً أغنية "سأحبك دائما" (I Will Always Love You) للمغنية الأميركية ويتني هيوستن والتي عرضت في فيلم "الحارس الشخصي" (The Bodyguard)، حققت أرقاما مذهلة حينها، إذ حطمت الأغنية الرقم القياسي وظلت في المركز الأول لقائمة "بيلبورد هوت 100" (Billboard Hot 100) لمدة 14 أسبوعا متتالية، وأصبحت أكثر أغنية مبيعا تغنيها امرأة في الولايات المتحدة. كما حققت نجاحا عالميا حينما تصدرت قوائم الأغاني في جميع البلدان تقريبا، مع بيع 20 مليون نسخة، لتصبح الأغنية المنفردة الأكثر مبيعا على الإطلاق التي تغنيها فنانة منفردة، وبفضلها فازت هيوستن بجائزة "غرامي" لأفضل رقم قياسي في العام 1994.

المغنية الأميركية ويتني هيوستن وكيفن كوستنر من فيلم "الحارس الشخصي" (مواقع التواصل الاجتماعي)

لكن مع أوائل العقد الأول من القرن الـ21، راح الحضور الغنائي في الأفلام يتقلّص بشكل مطّرد، في حين بدأت موسيقى البوب والهيب هوب تحظى بانتشار أكبر وتشد اهتمام المراهقين والشباب. ولم تعد الأفلام تنتج أعمالا موسيقية تحظى باهتمام هذه الشريحة الأصغر سنا، فأصبحت منافسة الأفلام بأعمال موسيقية في سوق الأغاني، واتجهت الريادة في سوق الأغاني إلى الفنانين الأصغر سنا، بل أصبحت صناعة الموسيقى تحظى بسوق تجاري أكبر بفضل مبيعات الألبومات ذات الأسعار المنخفضة وجمهورها الكبير من الشباب.

بعدها، تخلت معظم الأفلام الأميركية عن إدخال أغنية إلزامية في أفلامها، خصوصا الصيفية منها التي تحظى بجماهرية كبيرة. لكن لا تزال بعض الأفلام العائلية تقدم أغاني في أعمالها. وعلى الرغم من ذلك، فإن ثمة أفلاما تقدم أغنيات لكن بقدر قليل للغاية.

الأغاني في أفلام بوليود

أما بالنسبة إلى السينما الهندية، فتعد الأغاني جزءا أساسيا من أفلامها. ويشير موقع "إيت ماي نيوز" (Eat My News) إلى أن الولادة الأولى للأغنية في الأفلام الهندية جاءت مع أول فيلم صوتي هندي في العام 1931، وخلال الأعوام التسعة التالية أنتجت الهند 931 فيلما روائيا، احتوت أغاني بمتوسط 10 أغنيات لكل فيلم.

في البداية، استخدم الشعر والأغاني في الأفلام لجذب المشاهدين إليها. وكانت مشاهدة الموسيقى وعروض الرقص في المسارح طريقة حياة في الهند خلال القرن الـ20، إذ يذهب الكثير من الأزواج والعائلات إلى المسرح للاستمتاع بعرض غنائي، واستمر ذلك إلى أن أصبحت الأغاني والموسيقى جزءا أساسيا من الأفلام.

وفي الثلاثينيات من القرن الماضي، غنى عدد كبير من الممثلين والممثلات أغانيهم الخاصة في الأفلام، حتى بات اختيار الممثلين يعتمد على قدراتهم الغنائية والاستعراضية، مثل المغنية بال غاندهارفا، وبابورا بيندهاركار، وكان لابد من تسجيل الأغاني أثناء تصوير أحداث الفيلم.

وبشكل مختلف عن هوليود؛ تطورت الأغاني في السينما الهندية حتى أصبح من النادر وجود فيلم هندي من دون أغنيات ورقصات استعراضية. وقد استعرضت مجلة "ديسبليتس" (DESIblitz) البريطانية الآسيوية الأسباب التي تجعل الأغنية جزءا متجذرا في الأفلام الهندية. ورأت أنها تُعد بديلاً للمشاهد الحميمية بشكل أو بآخر، إذ لا يتقبل المجتمع الهندي هذه المشاهد في أعماله. وللتعويض عن غيابها، تستخدَم الأغاني لإضفاء الإثارة.

وعلى الرغم من أن أفلام القرن الـ21 أصبحت أكثر ليبرالية، فإن لم تستغنِ عن وجود الأغاني. أيضاً، لأن الأغاني تشكل اتصالاً قريبا من المشاهدين، خصوصا مع الأغاني التحفيزية أو الحزينة التي تصمم لها استعراضات ورقصات تتناسب مع الحالة العاطفية التي يستعرضها الفيلم، بل أصبحت هذه الأغنيات طلبا جماهيريا عاما ينتظره مشاهدو الأفلام الهندية.

إضافة إلى ذلك، ثمة سبب تجاري يكمن وراء انتشار الأغاني داخل الأفلام الهندية، حتى إنه غالبا ما يتم إصدار الموسيقى والأغاني قبل أن يصل الفيلم إلى الشاشة الكبيرة، لأن هذا الإصدار المبكر للموسيقى والأغاني يساعد صانعي الأفلام على الترويج وجذب الانتباه نحو فيلمهم المقبل، وبالتالي تحقيق الأرباح. وكلما زادت شعبية الأغنية، زادت الأرباح الإجمالية للفيلم، بل إن بعض الأغاني تحقق نجاحا أكبر من الأفلام التي عُرضت فيها.

وتستطيع الأغاني جذب جمهور أكبر من أفلامها، إذ قد تصبح جزءا أساسيا في حفلات الزفاف والاحتفالات، كما يسعى مشاهدوها إلى تقليد الرقصات والاستعراضات التي يؤديها الأبطال. فمثلاً، حققت أغنية "تيري ميري" (Teri Meri) في فيلم "الحارس الشخصي" (Bodyguard)، الذي عُرض عام 2011، نجاحا ساحقا، وتجاوزت أرقام مشاهدات الأغنية 228 مليون مشاهدة، على الرغم من أن الفيلم نفسه حقق تصنيفا ضعيفا على موقع تقييمات ومراجعة الأفلام "آي إم دي بي" (IMDb)، إذ لم يتجاوز 4.7 من أصل 10 نقاط من تقييم الجمهور.

المصدر : مواقع إلكترونية